وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ إِلَّا بِأَنْ يَخَافَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، أَوْ يَخَافَ عَلَى غَيْرِهِ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ بِالْحَجِّ فِي كُلِّ سَنَةٍ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ، بَلِ الِاعْتِكَافُ وَالصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَإِنَّ التَّعْظِيمَ وَإِحْيَاءَ الْبُقْعَةِ يَحْصُلُ بِكُلِّ ذَلِكَ.

قُلْتُ: لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْحَجِّ بِمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْوُقُوفِ وَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى، وَإِحْيَاءُ تِلْكَ الْبِقَاعِ بِالطَّاعَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمَعَايِشِ وَانْتِظَامِ أُمُورِ النَّاسِ، كَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِزَالَةِ فَاقَتِهِمْ، كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَإِطْعَامِ الْجَائِعِينَ، وَإِغَاثَةِ الْمُسْتَغِيثِينَ فِي النَّائِبَاتِ، فَكُلُّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الثَّرْوَةِ وَالْقُدْرَةِ إِذَا لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ بِسَدِّ حَاجَاتِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا يُصْرَفُ إِلَيْهَا، فَلَوِ انْسَدَّتِ الضَّرُورَةُ، فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ تَجِبُ الزِّيَادَةُ إِلَى تَمَامِ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ؟ حَكَى الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015