الْعَاشِرَةُ: فِيهَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ، وَوَفَاةُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْلَامُ جَرِيرٍ، وَنَزَلَ (الْيَوْمَ أَكْمَلَتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) . وَغَزَوَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ غَزْوَةً، وَقِيلَ: سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، وَسَرَايَاهُ سِتٌّ وَخَمْسُونَ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ الْجِهَادِ
قَدْ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَلْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَمْ فَرْضَ عَيْنٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: فَرْضُ كِفَايَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ) الْآيَةَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَهُوَ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْكُفَّارُ مُسْتَقِرِّينَ فِي بُلْدَانِهِمْ، فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنِ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ مِنْهُ، أَثِمُوا، وَهَلْ يَعُمُّهُمُ الْإِثْمُ، أَمْ يَخْتَصُّ بِالَّذِينِ يَدْنُوَا إِلَيْهِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْثَمُ كُلُّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ الْأَعْذَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ قَامَ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ، سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ. وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِشَيْئَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْحِنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِجَمَاعَةٍ يُكَافِئُونَ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَاطَ بِإِحْكَامِ الْحُصُونِ وَحَفْرِ الْخَنَادِقِ وَنَحْوِهِمَا، وَيُرَتِّبُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا كَافِيًا يُقَلِّدُهُ الْجِهَادَ وَأُمُورَ الْمُسْلِمِينَ.
الثَّانِي: أَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ دَارَ الْكُفْرِ غَازِيًّا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِجَيْشٍ يُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ، وَأَقَلُّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَإِنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِقِتَالِ مَنْ يَلِي دَارَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنْ كَانَ الْخَوْفُ مِنَ الْأَبْعَدِينَ أَكْثَرَ، بَدَأَ بِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ إِخْلَاءُ سَنَةٍ عَنْ جِهَادٍ