الْقَاصِدِ، فَمَنْ رَأَى إِنْسَانًا يَتْلِفُ مَالَ نَفْسِهِ، بِأَنْ يُحْرِقَ كُدْسَهُ وَيُغْرِقَ مَتَاعَهُ، جَازَ لَهُ دَفْعُهُ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا بِأَنْ رَآهُ يَشْدَخُ رَأْسَ حِمَارِهِ، وَجَبَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ دَفْعُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، لِحُرْمَةِ الْحَيَوَانِ، أَمَّا كَيْفِيَّةُ الدَّفْعِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمَصُولِ عَلَيْهِ رِعَايَةُ التَّدْرِيجِ وَالدَّفْعِ بِالْأَهْوَنِ فَالْأَهْوَنِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الدَّفْعُ بِالْكَلَامِ أَوِ الصِّيَاحِ، أَوِ الِاسْتِغَاثَةِ بِالنَّاسِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الضَّرْبُ، وَكَذَا لَوِ انْدَفَعَ شَرُّهُ، بِأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ، أَوِ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ، لَمْ يَضْرِبْهُ، وَكَذَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ أَوْ نَهْرٌ عَظِيمٌ، فَإِنْ حَالَ نَهْرٌ صَغِيرٌ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِنْ عَبَرَ النَّهْرَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: فَلَهُ رَمْيُهُ وَمَنْعُهُ الْعُبُورَ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ الصَّائِلُ إِلَّا بِالضَّرْبِ، فَلَهُ الضَّرْبُ، وَيُرَاعَى فِيهِ التَّرْتِيبُ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِالْيَدِ، لَمْ يَضْرِبْهُ بِسَوْطٍ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِسَوْطٍ، لَمْ يَجُزْ بِالْعَصَا، وَلَوْ أَمْكَنَ بِقَطْعِ عُضْوٍ، لَمْ يَجُزْ إِهْلَاكُهُ، وَإِذَا أَمْكَنَ بِدَرَجَةٍ، فَدَفَعَهُ بِمَا فَوْقَهَا، ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ هَرَبَ فَتَبِعَهُ وَضَرَبَهُ، ضَمِنَ، وَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً، فَوَلَّى هَارِبًا أَوْ سَقَطَ، وَبَطَلَ صِيَالُهُ فَضَرَبَهُ أُخْرَى، فَالثَّانِيَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا، لَمْ يَجِبْ قِصَاصُ النَّفْسِ، وَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْجُرْحَيْنِ فَصَالَ، فَضَرَبَهُ ثَالِثَةً فَمَاتَ مِنْهَا، لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَمَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الَّذِي أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ يَقْصِدُهُ، فَلَهُ دَفْعُهُ بِمَا يُمْكِنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْهُ الْمُقْبِلُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِلُ يَنْدَفِعُ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا، وَلَمْ يَجِدِ الْمَصُولُ عَلَيْهِ إِلَّا سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا، فَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الضَّرْبَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إِلَّا بِهِ وَلَا يُمْكِنُ نِسْبَتُهُ إِلَى التَّقْصِيرِ بِتَرْكِ اسْتِصْحَابِ سَوْطٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ شَخْصٍ حَاجَتُهُ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ: الْحَاذِقُ الَّذِي يُحْسِنُ الدَّفْعَ بِأَطْرَافِ السَّيْفِ مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ يَضَمَنُ إِنْ جَرَحَ، وَمَنْ لَا يُحْسِنُ، لَا يُضَمَنُ بِالْجُرْحِ، وَلَوْ قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهَرَبِ، أَوِ التَّحَصُّنِ بِمَوْضِعٍ حَصِينٍ، أَوْ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015