لَا يَثْبُتُ قَطْعُ الطَّرِيقِ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ التَّفْصِيلُ وَتَعْيِينُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَمَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ، وَتُقَاسُ صُوَرُهُ بِمَا سَبَقَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى السَّرِقَةِ، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنَ الرُّفْقَةِ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَتَعَرَضَا لِقَصْدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ نَفْسًا وَمَالًا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُمَا هَلْ هُمَا مِنَ الرُّفْقَةِ أَمْ لَا، فَإِنْ بَحَثَ، فَلَهُمَا أَنْ لَا يُجِيبَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِنْ قَالَا: قَطَعَ هَذَا وَهَؤُلَاءِ عَلَيْنَا الطَّرِيقَ، فَأَخَذُوا مَالَنَا وَمَالَ رُفْقَتِنَا، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، وَقِيلَ: فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا قَوْلَانِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا عَدُوَّيْنِ، قَالَ الْمَاسَرْجَسِيُّ وَغَيْرُهُ: لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِوَصِيَّةٍ لَهُمَا فِيهَا نَصِيبٌ أَوْ إِشْرَافٌ، لَمْ تُقْبَلْ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ قَالَا: نَشْهَدُ بِهَا سِوَى مَا يَتَعَلَّقُ بِنَا مِنَ الْمَالِ وَالْإِشْرَافِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا.
فَصْلٌ
يُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ كَمَا سَبَقَ فِي السَّارِقِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُحْسَمَ الْيَدُ، ثُمَّ تُقْطَعُ الرِّجْلُ، وَأَنْ تَقَطَّعَا جَمِيعًا، ثُمَّ تَحْسَمَا، قَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي «الرَّقْمِ» : إِنْ قُلْنَا: إِنَّ قَتْلَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ يُرَاعَى فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ، لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ قُلْنَا: حَدٌّ مَحْضٌ، فَلَا كَفَّارَةَ.