هِيَ مُوجِبَةٌ لِلْقَطْعِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:
الْأَوَّلُ: فِيمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَهُوَ السَّرِقَةُ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: أَحَدُهَا: الْمَسْرُوقُ، وَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ نِصَابًا، وَهُوَ رُبُعُ دِينَارٍ مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ، فَلَا قَطْعَ فِيمَا دُونَهُ، وَيُقْطَعُ بِرُبُعِ دِينَارٍ قُرَاضَةً بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ سَرَقَ دِينَارًا مَغْشُوشًا، فَإِنْ بَلَغَ خَالِصُهُ رُبُعًا، قُطِعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ سَرَقَ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا، قُوِّمَ بِالذَّهَبِ، وَحُكِيَ أَنَّ ابْنَ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ اخْتَارَ مَذْهَبَ دَاوُدَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ الْقَلِيلِ، وَلَا يُعْتَبَرُ نِصَابٌ.
قُلْتُ: هَذَا غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ فِي اعْتِبَارِ رُبُعِ دِينَارٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالِاعْتِبَارُ بِالذَّهَبِ الْمَضْرُوبِ، فَبِهِ يَقَعُ التَّقْوِيمُ، حَتَّى لَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبُعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ، كَالسَّبِيكَةِ وَحُلِيٍّ لَا تَبْلُغُ رُبُعًا مَضْرُوبًا بِالْقِيمَةِ، فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالطَّبَرِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْعَبَّادِيُّ، وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبُعٍ، وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ تَبْلُغُ رُبُعًا، فَلَا قَطْعَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ، وَأَمَّا التِّبْرُ الَّذِي إِذَا خَلَصَ نَقُصَ، فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ رُبُعٍ مِنْهُ، بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْلُصَ مِنْهُ رُبُعٌ، وَلَا سَرَقَ فُلُوسًا ظَنَّهَا دَنَانِيرَ، قُطِعَ إِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا قُطِعَ، وَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا خَسِيسًا وَفِي جَيْبِهِ رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ