وَلَكِنْ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَمَا فِي التَّعْزِيرِ، وَفِي عِبَارَةِ الْغَزَالِيِّ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ، كَمَا يَجِبُ عَلَى آحَادِ النَّاسِ تَفْوِيضُ رَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ إِلَى الْإِمَامِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي ضَمَانِهِ لَوْ بَادَرَ بِقَتْلِهِ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ عَجَّلَ جَلْدَ الْمَرِيضِ قَبْلَ بُرْئِهِ، فَهَلَكَ، فَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ فِي الْجَلْدِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ بِلَا فَرْقٍ.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مُسْتَوْفِيهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَحْدُودُ حُرًّا، فَالْمُسْتَوْفِي الْإِمَامُ، أَوْ مَنْ فَوَّضَ إِلَيْهِ كَمَا سَبَقَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ، وَحُكِيَ عَنِ الْقَفَّالِ رِوَايَةُ قَوْلِ: إِنَّهُ يَجُوزُ لِلْآحَادِ اسْتِيفَاؤُهُ حِسْبَةً، كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، فَلِسَيِّدِهِ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَلَهُ تَفْوِيضُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذَنِ الْإِمَامِ فِيهِ، وَسَوَاءٌ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ، وَخَرَّجَ ابْنُ الْقَاصِّ قَوْلًا فِي الْعَبْدِ كَأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِالْإِجْبَارِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَيْهِ، بَلْ قَطَعَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ لَهُ إِقَامَتَهُ عَلَيْهِمَا، وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا إِقَامَتُهُ عَلَى الرَّقِيقِ، وَمَنْ بَدَرَ إِلَيْهِ مِنْهُمَا وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَهَلِ الْأَوْلَى لِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَهُ بِنَفْسِهِ لِيَكُونَ أَسَتَرَ، أَمِ الْأَوْلَى تَفْوِيضُهُ إِلَى الْإِمَامِ، لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِلْحَاقِهِ بِالْحُرِّ؟ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ.