كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا

هُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الْكَبَائِرِ، وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ، وَفِيهِ بَابَانِ

الْأَوَّلُ: فِيمَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَمَعْرِفَةُ الْحَدِّ.

وَضَابِطُ الْمُوجِبِ أَنَّ إِيلَاجَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنَ الذَّكَرِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ يُشْتَهَى طَبْعًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْحَدِّ، فَإِنْ كَانَ الزَّانِي مُحْصَنًا، فَحَدُّهُ الرَّجْمُ وَلَا يُجْلَدُ مَعَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ أَصْحَابِنَا: يُجْلَدُ، ثُمَّ يُرْجَمُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصِنٍ، فَوَاجِبُهُ الْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَيْنِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُحْصَنِ هُنَا ثَلَاثُ صِفَاتٍ.

إِحْدَاهَا: التَّكْلِيفُ، فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، لَكِنْ يُؤَدَّبَانِ بِمَا يَزْجُرُهُمَا.

الثَّانِيَةُ: الْحُرِّيَّةُ، فَلَيْسَ الرَّقِيقُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ مُحْصَنِينَ.

الثَّالِثَةُ: الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُنْزِلُ، وَيَحْصُلُ بِوَطْءٍ فِي الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ، وَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَهَلْ يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ؟ قَوْلَانِ، الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: لَا، وَهَلْ يَحْصُلُ بِوَطْءِ زَوْجَةٍ قَبْلَ التَّكْلِيفِ وَالْحُرِّيَّةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ: لَا، فَلَا يَجِبُ الرَّجْمُ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ رَقِيقٌ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ كَمَالِهِ، وَحُكِيَ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِوَطْءِ الصَّبِيِّ دُونَ الرَّقِيقِ، وَوَجْهٌ رَابِعٌ عَكْسُهُ، فَإِنْ شَرَطْنَا وُقُوعَهُ فِي حَالِ الْكَمَالِ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّانِي الْآخَرَ كَامِلًا حِينَئِذٍ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: لَا.

فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَامِلًا دُونَ الْآخَرِ، صَارَ الْكَامِلُ مُحْصَنًا ; لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015