سَلَّمْتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: سَلَّمْتَهُ إِلَى مَنْ لَا يَتْبَعُ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ، وَلَوْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ، وَجَلَسَ أَحَدُهُمْ عَلَى مَكَانٍ رَفِيعٍ تَشَبُّهًا بِالْمُذَكِّرِينَ، فَسَأَلُوهُ الْمَسَائِلَ وَهُمْ يَضْحَكُونَ، ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ بِالْمِخْرَاقِ، أَوْ تَشَبَّهَ بِالْمُعَلِّمِينَ، فَأَخَذَ خَشَبَةً، وَجَلَسَ الْقَوْمُ حَوْلَهُ كَالصِّبْيَانِ، وَضَحِكُوا وَاسْتَهْزَءُوا، وَقَالَ: قَصْعَةُ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنَ الْعِلْمِ، كَفَرَ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ فِي مَسْأَلَتَيِ التَّشَبُّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ دَامَ مَرَضُهُ وَاشْتَدَّ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا، وَإِنْ شِئْتَ تَوَفَّنِي كَافِرًا، صَارَ كَافِرًا، وَكَذَا لَوِ ابْتُلِيَ بِمَصَائِبَ، فَقَالَ: أَخَذْتَ مَالِي، وَأَخَذْتَ وَلَدِي، وَكَذَا وَكَذَا، وَمَاذَا تَفْعَلُ أَيْضًا، أَوْ مَاذَا بَقِيَ وَلَمْ تَفْعَلْهُ، كَفَرَ، وَلَوْ غَضِبَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ غُلَامِهِ، فَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَسْتَ بِمُسْلِمٍ، فَقَالَ: لَا، مُتَعَمِّدًا كَفَرَ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: يَا يَهُودِيُّ، يَا مَجُوسِيُّ، فَقَالَ: لَبَّيْكَ، كَفَرَ، قُلْتُ: فِي هَذَا نَظَرٌ إِذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ، فَأَعْطَاهُ النَّاسُ أَمْوَالًا، فَقَالَ مُسْلِمٌ: لَيْتَنِي كُنْتُ كَافِرًا فَأُسْلِمُ، فَأُعْطَى، قَالَ بَعْضُ الْمَشَائِخِ: يَكْفُرُ.
قُلْتُ: فِي هَذَا نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِسْلَامِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي قِصَّةِ أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ قَتَلَ مَنْ نَطَقَ بِالشَّهَادَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» قَالَ: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ يَوْمِئِذٍ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَمْرَ، أَوْ لَا يُحَرِّمَ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، لَا يَكْفُرُ، وَلَوْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ تَعَالَى الظُّلْمَ أَوِ الزِّنَا،