يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، بِعُذْرِ الْمَطَرِ. وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ حَكَاهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ دُونَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَسَوَاءً عِنْدَنَا قَوِيُّ الْمَطَرِ وَضَعِيفُهُ إِذَا بَلَّ الثَّوْبَ، وَالشَّفَّانُ مَطَرٌ وَزِيَادَةٌ.
قُلْتُ: الشَّفَّانُ - بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ، وَآخِرُهُ نُونٌ - وَهُوَ بَرْدُ رِيحٍ فِيهِ نَدْوَةٌ، وَكَذَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَطَرٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مَطَرًا وَزِيَادَةً، فَكَأَنَّ الرَّافِعِيَّ قَلَّدَ صَاحِبَ (التَّهْذِيبِ) فِي إِطْلَاقِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُنْكَرَةِ. وَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: الشَّفَّانُ لَهُ حُكْمُ الْمَطَرِ لِتَضَمُّنِهِ الْقَدْرَ الْمُبِيحَ مِنَ الْمَطَرِ وَهُوَ مَا يَبُلُّ الثَّوْبَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الشَّفَّانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ إِنْ كَانَا يَذُوبَانِ فَكَالْمَطَرِ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: لَا يُرَخِّصَانِ بِحَالٍ. ثُمَّ هَذِهِ الرُّخْصَةُ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فِي مَسْجِدٍ يَأْتِيهِ مِنْ بُعْدٍ وَيَتَأَذَّى بِالْمَطَرِ فِي إِتْيَانِهِ. فَأَمَّا مَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ مَشَى إِلَى الْمَسْجِدِ فِي كِنٍّ، أَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ فِي بَابِ دَارِهِ، أَوْ صَلَّى النِّسَاءُ فِي بُيُوتِهِنَّ جَمَاعَةً، أَوْ حَضَرَ جَمِيعُ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ وَصَلُّوا أَفْرَادًا، فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: عَلَى الْأَظْهَرِ. ثُمَّ إِنْ أَرَادَ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى، فَشُرُوطُهُ كَمَا تَقَدَّمَتْ فِي جَمْعِ السَّفَرِ. وَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَ الْأُولَى إِلَى الثَّانِيَةِ كَالسَّفَرِ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْجَدِيدِ، وَيَجُوزُ عَلَى الْقَدِيمِ. فَإِذَا جَوَّزْنَاهُ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يُصَلِّي الْأُولَى مَعَ الثَّانِيَةِ، سَوَاءً اتَّصَلَ الْمَطَرُ أَوِ انْقَطَعَ. وَقَالَ فِي (التَّهْذِيبِ) :