السُّوقِ، أَوْ آلَةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: قَتَلَهُ بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ: بِرُمْحٍ أَوْ عَصًا، أَوْ هَيْئَةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: حَزَّهُ، وَالْآخَرُ: قَدَّهُ، لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْلُ، وَهَكَذَا حُكْمُ مَا يَشْهَدَانِ بِهِ، وَيَخْتَلِفَانِ فِيهِ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَلْفَاظِ الْمُنْشَأَةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً يَوْمَ السَّبْتِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ، ثَبَتَ الْقَتْلُ ; لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ وَصِفَتِهِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أُقِرُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: أُقِرُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، سَقَطَ قَوْلُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ، لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْلُ، وَلَكِنَّهُ لَوْثٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى قَتْلَ عَمْدٍ، وَأَقْسَمَ الْوَلِيُّ، تَرَتَّبَ عَلَى الْقَسَامَةِ حُكْمُهَا، وَإِنْ كَانَ قَتْلَ خَطَأٍ، حَلَفَ مَعَ أَيِّ الشَّاهِدَيْنِ شَاءَ، وَتَعَدُّدُ الْيَمِينِ وَاتِّحَادُهَا عَلَى مَا سَبَقَ، فَإِنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْقَتْلِ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْإِقْرَارِ، فَفِي مَالِ الْجَانِي، وَإِنِ ادَّعَى قَتْلَ عَمْدٍ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إِقْرَارِهِ بِقَتْلِ عَمْدٍ، وَالْآخَرُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ أَوْ أَحَدُهُمَا بِقَتْلِ عَمْدٍ، وَالْآخِرُ بِقَتْلٍ مُطْلَقٍ، ثَبَتَ أَصْلُ الْقَتْلِ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يُقْبَلَ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْكَارُهُ، وَيُسْأَلَ عَنْ صِفَةِ الْقَتْلِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى إِنْكَارِ أَصْلِهِ، قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ: إِنْ لَمْ تُبَيِّنْ صِفَتَهُ، جَعَلْتُكَ نَاكِلًا، وَرَدَدْتُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّكَ قَتَلَتْ عَمْدًا، وَحَكَمْتُ عَلَيْكَ بِالْقِصَاصِ، فَإِنْ بَيَّنَ صِفَتَهُ، فَقَالَ: قَتَلْتُهُ عَمْدًا، أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَهُ، وَإِنْ قَالَ: قَتَلْتُهُ خَطَأً، وَكَذَّبَهُ الْوَلِيُّ، فَأَطْلَقَ مُطْلِقُونَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْعَمْدِيَّةِ، فَيَحْلِفُ وَتَجِبُ دِيَةُ خَطَأٍ فِي مَالِهِ ; لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ، وَوَجَبَ الْقِصَاصُ، وَاسْتَدْرَكَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، فَقَالَا: يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْعَمْدِيَّةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَوْثٌ، فَإِنْ كَانَ، أَقْسَمَ الْمُدَّعِي وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَوْثَ الْعَمْدِيَّةِ، وَإِلَّا فَأَصْلُ اللَّوْثِ حَاصِلٌ بِأَصْلِ الْقَتْلِ لِاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ، وَقَدْ سَبَقَ خِلَافٌ فِي أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلِ الْقَتْلِ دُونَ كَوْنِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، هَلْ تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ؟ وَهَذَا نَازِعٌ إِلَيْهِ.