طَلَبُ الدِّيَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً أَمْ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَهُمْ يَحْمِلُونَ، إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، لَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ ; لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ اعْتَرَفَ بِوُجُوبِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْخَلْفَ فِي الصِّفَةِ هَلْ هُوَ كَالْخَلْفِ فِي الْمَوْصُوفِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي مَسَائِلِ خِيَارِ النِّكَاحِ، إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَأَنَّهُ ادَّعَى مَالًا فَاعْتَرَفَ بِمَالٍ آخَرَ لَا يَدَّعِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، طَالَبَ بِالدِّيَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَكْثَرُونَ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُخَفَّفَةً مُؤَجَّلَةً إِلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْعَاقِلَةُ، فَتَكُونَ عَلَيْهِمْ، وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً، فَقَالَ: قَتَلْتُهُ عَمْدًا، فَلَا قِصَاصَ، وَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِدِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ؟ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأَوْلَى، حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ كَانَ عَمْدًا وَيَكُونُ عَدَدُ يَمِينِهِ بِعَدَدِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ بِيَمِينِهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ فِي مَالِهِ.

فَرْعٌ

ادَّعَى جُرْحًا لَا يُوجِبُ قِصَاصًا كَجَائِفَةٍ، وَأَقَامَ بِهَا شَاهِدًا، وَحَلَفَ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً لِيَسْتَحِقَّ الْمَالَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يُعْطَى الْوَرَثَةُ شَيْئًا إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا ; لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبُ: تَصْوِيرُ ابْنِ الْحَدَّادِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْجُرْحِ وَالْبَيِّنَةِ بِهِ تُسْمَعَانِ قَبْلَ انْدِمَالِهِ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَمُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تَتَعَدَّدُ فِي الْجِرَاحَاتِ، فَإِنْ قُلْنَا: تَتَعَدَّدُ، وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ خَمْسِينَ، وَإِنْ قُلْنَا: بِالتَّوْزِيعِ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ، حَلَفَ لِلْجَائِفَةِ مَعَ الشَّاهِدِ ثُلُثَ الْخَمْسِينَ، ثُمَّ إِذَا مَاتَ الْمَجْرُوحُ، وَصَارَتِ الْجِرَاحَةُ نَفْسًا، أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ وَاللَّوْثُ حَاصِلٌ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَهُ مُورِثُهُمْ، وَلَا تُحْسَبُ يَمِينُهُ لَهُمْ، وَقَالَ الْخِضْرِيُّ: تُحْسَبُ حَتَّى لَوْ حَلَفَ خَمْسِينَ عَلَى قَوْلِنَا بِالتَّكْمِيلِ، فَلَا يَمِينَ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015