الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، عَادَ الْقَوْلَانِ هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ جَرَى ذَلِكَ فِي دَعْوَى قَتْلٍ يُوجِبُ قِصَاصًا، حَلَفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ قَطْعًا ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْقِصَاصَ، وَيَسْتَفِيدُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ.
فَرْعٌ
إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَخَلَّصَ عَنِ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا يُطَالِبُ أَهْلَ الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ، وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَلَا عَاقِلَتُهُ وَلَا عَاقِلَةُ الْحَالِفِ وَلَا غَيْرُهُمْ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى قَتْلًا عَمْدًا أَمْ خَطَأً، وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي عِنْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى قَتْلًا عَمْدًا، ثَبَتَ الْقِصَاصُ ; لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ، أَوْ كَالْبَيِّنَةِ، وَالْقِصَاصُ يَثْبُتُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ، ثُمَّ قِيلَ: إِنْ قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْبَيِّنَةِ، فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: كَالْإِقْرَارِ، فَفِي مَالِهِ، وَقِيلَ: فِي مَالِهِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ كَالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ.
الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِيمَنْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ:
وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ بَدَلَ الدَّمِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ السَّيِّدُ، فَإِنَّهُ إِذَا قَتَلَ عَبْدَهُ، أَقْسَمَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا سَبَقَ، وَعَلَى هَذَا يُقْسِمُ الْمُكَاتَبُ إِذَا قَتَلَ عَبْدَهُ، وَلَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَتَلَ عَبْدٌ الْمَأْذُونَ لَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْسِمُ دُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ ; لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ، وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، أَقْسَمَ السَّيِّدُ، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ وَنُكُولِهِ، لَمْ يُقْسِمِ السَّيِّدُ، لِبُطْلَانِ الْحَقِّ بِنُكُولِهِ، كَمَا لَا يُقْسِمُ