عَلَى الْقَتْلِ فِي مَضِيقٍ، وَتَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ، فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى عَدَدٍ مِنْهُمْ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ وَيُمَكَّنَ مِنَ الْقَسَامَةِ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي جَمَاعَةٍ مَحْصُورِينَ فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى بَعْضِهِمْ.
فَرْعٌ
قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَوْ وَقَعَ فِي أَلْسِنَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ فُلَانًا، فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ، وَسَوَاءٌ فِي الْقَسَامَةِ ادَّعَى كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ، قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ عَايَنَ الْقَاضِي مَا هُوَ لَوْثٌ، فَلَهُ اعْتِمَادُهُ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَضَائِهِ بِعِلْمِهِ ; لِأَنَّهُ يَقْضِي بِالْأَيْمَانِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ قَرِيبٌ مِنْ قَرْيَةٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ عِمَارَةٌ أُخْرَى، وَلَا مَنْ يُقِيمُ بِالصَّحْرَاءِ، ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّهِمْ، يَعْنِي إِذَا وُجِدَتِ الْعَدَاوَةُ، وَكُنَّا نَحْكُمُ بِاللَّوْثِ لَوْ وُجِدَ فِيهَا، قَالَ: وَلَوْ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ، أَوْ قَبِيلَتَيْنِ، وَلَمْ يُعْرَفْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِحْدَاهُمَا عَدَاوَةٌ لَمْ يُجْعَلْ قُرْبُهُ مِنْ إِحْدَاهُمَا لَوْثًا.
قَدْ يُعَارِضُ الْقَرِينَةَ مَا يَمْنَعُ كَوْنُهَا لَوْثًا، وَيُعَارِضُ اللَّوْثَ مَا يُسْقِطُ أَثَرَهُ وَيُبْطِلُ الظَّنَّ الْحَاصِلَ بِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَعَذَّرَ إِثْبَاتُهُ، وَإِذَا ظَهَرَ لَوْثٌ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقْسِمُ، فَلَوْ قَالَ: الْقَاتِلُ أَحَدُهُمْ وَلَا أَعْرِفُهُ، فَلَا قَسَامَةَ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ، فَإِنْ حَلَفُوا إِلَّا وَاحِدًا، فَنُكُولُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْقَاتِلُ، وَيَكُونُ لَوْثًا فِي حَقِّهِ، فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ، مُكِّنَ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَلَ الْجَمِيعُ، ثُمَّ عَيَّنَ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمْ وَقَالَ: قَدْ بَانَ لِي أَنَّهُ الْقَاتِلُ، وَأَرَادَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ، مُكِّنَ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ.