لِلْقَصْرِ أَرْبَعُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَقْتَدِيَ بِمُتِمٍّ، فَإِنْ فَعَلَهُ وَلَوْ فِي لَحْظَةٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. وَالِاقْتِدَاءُ فِي لَحْظَةٍ يُتَصَوَّرُ مِنْ وُجُوهٍ. مِنْهَا أَنْ يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، أَوْ يُحْدِثَ الْإِمَامُ عَقِبَ اقْتِدَائِهِ وَيَنْصَرِفَ. وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يَقْضِي الصُّبْحَ، مُسَافِرًا كَانَ أَوْ مُقِيمًا، لَمْ يَجُزِ الْقَصْرُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ قَصَرَ، وَإِلَّا فَهِيَ كَالصُّبْحِ.
قُلْتُ: وَسَوَاءً كَانَ إِمَامُ الْجُمُعَةِ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا، فَهَذَا حُكْمُهُ. وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ مَقْصُورَةً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ مَقْصُورَةً جَازَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الْمُقْتَدِي تَارَةً يَعْلَمُ حَالَ إِمَامِهِ وَتَارَةً يَجْهَلُهَا. فَإِنْ عَلِمَ، نَظَرَ: إِنْ عَلِمَهُ مُقِيمًا أَوْ ظَنَّهُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. فَلَوِ اقْتَدَى بِهِ وَنَوَى الْقَصْرَ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ، وَلَغَتْ نِيَّةُ الْقَصْرِ. بِخِلَافِ الْمُقِيمِ يَنْوِي الْقَصْرَ، لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ، وَالْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَضُرَّهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ. كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِنِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى الْإِتْمَامَ أَوْ صَارَ مُقِيمًا. وَإِنْ عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ مُسَافِرًا أَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ خَلْفَهُ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَدْرِ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِتْمَامُ بِهَذَا التَّرَدُّدِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسَافِرِ الْقَصْرُ. وَلَوْ عَرَضَ هَذَا التَّرَدُّدُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَمْ يَلْزَمِ الْإِتْمَامُ. وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ نِيَّتَهُ فَعَلَّقَ عَلَيْهَا فَنَوَى إِنْ قَصَرَ قَصَرْتُ، وَإِنْ أَتَمَّ أَتْمَمْتُ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: جَوَازُ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ أَتَمَّ الْإِمَامُ أَتَمَّ، وَإِنْ قَصَرَ قَصَرَ. فَلَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوْ أَفْسَدَهَا