قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ. وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إِنْ بَقِيَ شَيْنٌ، وَإِلَّا فَهَلْ يُعْتَبَرُ حَالُ الْجِنَايَةِ وَقِيَامُ الْأَلَمِ أَمْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي بَابِ الْحُكُومَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ الَّتِي يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْعَوْدُ وَلَمْ تَعُدْ، وَفَسَدَ الْمَنْبَتُ، اسْتُوفِيَ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ، فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بَيَانِ الْحَالِ، فَفِي وُجُوبِ الْأَرْشِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا: يَجِبُ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ؛ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَوْدِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَرَاءَةُ، وَالظَّاهِرُ الْعَوْدُ لَوْ عَاشَ؛ فَعَلَى هَذَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَعْتَبِرُ حَالَ الْجِنَايَةِ وَالْأَلَمِ، وَلَوْ قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ الصَّغِيرِ، وَجَنَى آخَرُ عَلَى مَنْبَتِهِ جِنَايَةً أَبْطَلَتِ النَّبَاتَ، قَالَ الْإِمَامُ: لَا وَجْهَ لِإِيجَابِ الْأَرْشِ عَلَى الثَّانِي وَلَا عَلَيْهِمَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى الْحُكُومَةِ، وَلَوْ سَقَطَتْ سِنُّهُ بِنَفْسِهَا، ثُمَّ جَنَى جَانٍ وَأَفْسَدَ الْمَنْبَتَ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْأَرْشِ عَلَى الثَّانِي، لِأَنَّهُ أَفْسَدَ الْمَنْبَتَ، وَلَمْ تَسْبِقْهُ جِنَايَةٌ بِحَالٍ عَلَيْهَا.
فَرْعٌ
لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ، فَأَخَذَ مِنْهُ الْأَرْشَ، فَعَادَتِ السِّنُّ عَلَى النُّدُورِ، لَمْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْشَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوِ الْتَحَمَتِ الْمُوضِحَةُ أَوِ الْجَائِفَةُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا، لَمْ يَسْتَرِدَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ جَنَى عَلَى يَدِهِ فَذَهَبَ بَطْشُهَا، أَوْ عَلَى عَيْنِهِ فَذَهَبَ بَصَرُهَا، فَأَخَذْنَا دِيَتَهُمَا لِظَنِّ زَوَالِ الْبَطْشِ وَالْبَصَرِ، ثُمَّ قَوِيَتِ الْيَدُ وَالْعَيْنُ فَصَارَ يَبْطِشُ وَيُبْصِرُ، اسْتُرِدَّتِ الدِّيَةُ قَطْعًا، لِأَنَّ الشَّلَلَ وَالْعَمَى الْمُحَقَّقَيْنِ لَا يَزُولَانِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي السَّمْعِ وَسَائِرِ الْمَعَانِي.
فَرْعٌ
قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ، فَطَلَعَ بَعْضُهَا وَمَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ نَبَاتُهَا؛ فَعَلَيْهِ مِنَ الدِّيَةِ فِيمَا إِذَا مَاتَ قَبْلَ