يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ ذَهَبٌ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَرِقٌ.

فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ، فَهَلْ يُزَادُ لِلتَّغْلِيظِ شَيْءٌ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَالثَّانِي: يُزَادُ ثُلْثُ الْمُقَدَّرِ؛ فَعَلَى هَذَا لَوْ تَعَدَّدَ سَبَبُ التَّغْلِيظِ بِأَنْ قُتِلَ مُحْرِمًا فِي الْحَرَمِ، فَهَلْ يَتَكَرَّرُ التَّغْلِيظُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا فَلَا يُزَادُ عَلَى الثُّلْثِ، كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا حَرَمِيًّا، يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ فَقَطْ، وَالثَّانِي: يُزَادُ لِكُلِّ سَبَبٍ ثُلْثُ دِيَةٍ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ قُتِلَ ذَا رَحِمٍ مُحْرِمًا فِي الْحَرَمِ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ عَمْدًا، وَجَبَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَتَقُومُ الْإِبِلُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَتُرَاعَى صِفَتُهَا فِي التَّغْلِيظِ إِنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً. قَالَ الْإِمَامُ: فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ فِي الْبَلَدِ، يُخَيَّرُ الْجَانِي مِنْهُمَا، وَتَقُومُ الْإِبِلُ الَّتِي لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِبِلٌ، قُوِّمَتْ مِنْ صِنْفِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِمْ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَوْضِعِ الْوُجُودِ، أَمْ مَوْضِعِ الْإِعْوَازِ لَوْ كَانَتْ فِيهِ إِبِلٌ؟ وَجْهَانِ:

أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ، هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إِنْ وَجَبَتِ الدِّيَةُ وَالْإِبِلُ مَفْقُودَةٌ، اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْوُجُوبِ، وَإِنْ وَجَبَتْ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَلَمْ تُؤَدَّ حَتَّى أُعْوِزَتْ وَجَبَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِعْوَازِ، وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ الْإِبِلِ الْوَاجِبَةِ، أُخِذَ الْمَوْجُودُ وَقِيمَةُ الْبَاقِي.

فَرْعٌ

قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ إِعْوَازِ الْإِبِلِ: لَا أُطَالِبُ الْآنَ بِشَيْءٍ، وَأَصْبِرُ إِلَى أَنْ يُوجَدَ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ إِلَيْهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْإِبِلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يُكَلِّفَهُ قَبْضَ مَا عَلَيْهِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ، قَالَ: وَلَمْ يَصِرْ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ وُجِدَتِ الْإِبِلُ يَرُدُّ الدَّرَاهِمَ، وَيَرْجِعُ إِلَى الْإِبِلِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا غَرِمَ قِيمَةَ الْمُثْلَى لِإِعْوَازِ الْمِثْلِ، ثُمَّ وُجِدَ؛ فَفِي الرُّجُوعِ إِلَى الْمِثْلِ خِلَافٌ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015