الزِّنْدِيقِ بِالْمُرْتَدِّ، وَالصَّحِيحُ إِلْحَاقُهُ بِالْوَثَنِيِّ، وَأَمَّا مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا أَمَانَ مِنَ الْكُفَّارِ، فَلَا ضَمَانَ فِي قَتْلِهِ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ.
قُلْتُ: قَدْ سَبَقَ خِلَافٌ فِي الذِّمِّيِّ وَالْمُرْتَدِّ إِذَا قَتَلَا مُرْتَدًّا هَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ؟ فَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا فَهِيَ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي كَافِرٍ بَلَغَتْهُ دَعْوَتُنَا وَخَبَرُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَتُنَا، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ قَبْلَ الْإِعْلَامِ وَالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ؛ فَلَوْ قُتِلَ، كَانَ مَضْمُونًا قَطْعًا، وَكَيْفَ يُضْمَنُ.
أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَتَجِبُ بِلَا تَفْصِيلٍ، ثُمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنْ لَا تَكُونَ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَوْجَبَهُ الْقَفَّالُ. وَأَمَّا الدِّيَةُ، فَهَلْ تَجِبُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ أَمْ مُسْلِمٍ؟ وَجْهَانِ، أَوْ قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَمَسِّكًا بِدَيْنٍ وَلَمْ يُبَدِّلْ وَلَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُخَالِفُهُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ فَعَلَى هَذَا هَلْ تَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَمْ دِيَةُ أَهْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُتَمَسِّكًا بِدَيْنٍ لَحِقَهُ التَّبْدِيلُ لَكِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ مَا يُخَالِفُهُ، فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا، وَهَلْ تَجِبُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ أَمْ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ أَمْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا الْأَوَّلُ.
فَرْعٌ
مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ مَعَ التَّمَكُّنِ أَوْ دُونَ، إِذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ، تَعَلَّقَ بِقَتْلِهِ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِالْإِسْلَامِ.
لَا يُجْزِئُ فِي الدِّيَةِ مَرِيضٌ وَلَا مَعِيبٌ بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الرَّدَّ فِي الْبَيْعِ إِلَّا بِرِضَى الْمُسْتَحِقِّ، سَوَاءٌ كَانَتْ إِبِلَ مَنْ عَلَيْهِ سَلِيمَةٌ أَمْ مَعِيبَةٌ.