يَنْقُلُ مَنَافِعَهُ قَهْرًا إِلَى غَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَإِذَا تَرَاضَيْنَا عَلَى خَرَاجٍ، فَلْيَكُنْ لَهُ كَسْبٌ دَائِمٌ يَفِي بِذَلِكَ الْخَرَاجِ، فَاضِلًا عَنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ، إِنْ جَعَلَهُمَا فِي كَسْبِهِ، وَإِذَا وَفَّى وَزَادَ كَسْبُهُ، فَالزِّيَادَةُ بِرٌّ مِنَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ، وَتَوْسِيعٌ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَإِذَا ضَرَبَ عَلَيْهِ خَرَاجًا أَكْثَرَ مِمَّا يَلِيقُ، وَأَلْزَمَهُ تَأْدِيَتَهُ، مَنَعَهُ السُّلْطَانُ، وَيُجْبَرُ النَّقْصُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهَا، وَالْمُخَارَجَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ.
لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَلِّفَ رَقِيقَهُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَعْجَزُ عَنْهُ، وَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ نَهَارًا، أَرَاحَهُ لَيْلًا، وَكَذَا بِالْعَكْسِ، وَيُرِيحُهُ فِي الصَّيْفِ فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ، وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي الشِّتَاءِ النَّهَارَ مَعَ طَرَفَيِ اللَّيْلِ، وَيَتَّبِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ، وَعَلَى الْعَبْدِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ، وَتَرْكُ الْكَسَلِ.
فَصْلٌ
إِذَا امْتَنَعَ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى مَمْلُوكِهِ، بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهِ، وَهَلْ يَبِيعُ شَيْئًا فَشَيْئًا، أَمْ يَسْتَدِينُ عَلَيْهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ شَيْءٌ صَالِحٌ، بَاعَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الثَّانِي أَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا، أَمَرَهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ، أَوْ يُؤَجِّرَهُ، أَوْ يُعْتِقَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، بَاعَهُ الْحَاكِمُ أَوْ أَجَّرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ، أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَالٌ، فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلَيْهِمُ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِ.