بَعْدَ الرَّفْعِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ. أَمَّا إِذَا اتَّفَقَتِ الصَّلَاتَانِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَيُنْظَرُ إِنِ اتَّفَقَ عَدَدُهُمَا كَالظُّهْرِ خَلْفَ الْعَصْرِ أَوِ الْعِشَاءِ جَازَ الِاقْتِدَاءُ. وَإِنْ كَانَ عَدَدُ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ أَقَلَّ كَالظُّهْرِ خَلْفَ الصُّبْحِ جَازَ. وَإِذَا تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ، قَامَ الْمَأْمُومُ وَأَتَمَّ صَلَاةَ نَفْسِهِ كَالْمَسْبُوقِ. وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي الْقُنُوتِ. وَلَوْ أَرَادَ مُفَارَقَتَهُ عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِالْقُنُوتِ جَازَ. وَإِذَا اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ بِالْمَغْرِبِ، وَانْتَهَى الْإِمَامُ إِلَى الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ، تَخَيَّرَ الْمَأْمُومُ فِي الْمُتَابَعَةِ وَالْمُفَارَقَةِ كَالْقُنُوتِ. وَإِنْ كَانَ عَدَدُ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ أَقَلَّ كَالصُّبْحِ خَلْفَ الظُّهْرِ، فَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ وَقِيلَ: قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: جَوَازُهُ. وَالثَّانِي: بُطْلَانُهُ. فَإِذَا صَحَّحْنَا، وَقَامَ الْإِمَامُ إِلَى الثَّالِثَةِ، تَخَيَّرَ الْمَأْمُومُ، إِنْ شَاءَ فَارَقَهُ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ.
قُلْتُ: انْتِظَارُهُ أَفْضَلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْنُتَ فِي الثَّانِيَةِ، بِأَنْ وَقَفَ الْإِمَامُ يَسِيرًا، قَنَتَ. وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ لِيَقْنُتَ. وَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ الظُّهْرِ، فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ إِلَى الرَّابِعَةِ، لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ يُفَارِقُهُ، وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ التَّشَهُّدَ وَيَنْتَظِرَهُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ كَمَا قُلْنَا فِي الْمُقْتَدِي بِالصُّبْحِ خَلْفَ الظُّهْرِ. وَالثَّانِي: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يُحْدِثُ تَشَهُّدًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ. وَلَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ، جَازَ. فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إِلَى بَاقِي صَلَاتِهِ، وَالْأَوْلَى أَنَّ يُتِمَّهَا مُنْفَرِدًا. فَلَوْ قَامَ الْإِمَامُ إِلَى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنَ التَّرَاوِيحِ، فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ ثَانِيًا، فَفِي جَوَازِهِ الْقَوْلَانِ، فِيمَنْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى فِي أَثْنَائِهِمَا. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُقْتَدِي بِمَنْ يُصَلِّي الْعِيدَ أَوِ الِاسْتِسْقَاءَ، هَلْ هُوَ كَمَنْ يُصَلِّي الصُّبْحَ؟ أَمْ كَمَنْ يُصَلِّي الْجِنَازَةَ وَالْكُسُوفَ؟ قُلْتُ: الصَّحِيحُ: أَنَّهُ كَالصُّبْحِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ (التَّتِمَّةِ) . وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَاتِ الزَّائِدَةَ، لَا يُتَابِعُهُ الْمَأْمُومُ، فَإِنْ تَابَعَهُ لَمْ يَضُرَّهُ، لِأَنَّ الْأَذْكَارَ لَا تَضُرُّ.