كِتَابُ النَّفَقَاتِ

لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ: مِلْكُ النِّكَاحِ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ، وَقَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ فَالْأَوَّلَانِ يُوجِبَانِ النَّفَقَةَ لِلْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا عَكْسَ، وَالثَّالِثُ يُوجِبُهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرِيبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِشُمُولِ الْبَعْضِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ، وَيَشْتَمِلُ الْكِتَابُ عَلَى سِتَّةِ أَبْوَابٍ، أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ، فَوَاجِبَةٌ بِالنُّصُوصِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:

الْأَوَّلُ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ فِيمَا يَجِبُ وَهُوَ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ الطَّعَامُ، أَمَّا قَدْرُهُ، فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجِ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْكِفَايَةُ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى حَالِ الْمَرْأَةِ فِي الزَّهَادَةِ وَالرَّغْبَةِ، وَلَا إِلَى مَنْصِبِهَا وَشَرَفِهَا، وَتَسْتَوِي فِيهِ الْمُسَلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ، الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ، فَعَلَى الْمُوسِرِ مُدَّانِ، وَالْمُعْسِرِ مُدٌّ وَالْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَالِاعْتِبَارُ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ.

قُلْتُ: هَذَا تَفْرِيعٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّبَاتِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلًا أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْكِفَايَةُ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّقْرِيبِ قَوْلًا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَفْرِضُهُ الْقَاضِي، وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيُقَدِّرَ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ شَاذَّانِ. وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنِ ابْنِ خَيْرَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عُرْفُ النَّاسِ فِي الْبَلَدِ. وَالْمَذْهَبُ: التَّقْدِيرُ كَمَا سَبَقَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015