وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَا تُقْبَلُ مُطْلَقَةً، بَلْ يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ وَالتَّعْرِيضُ لِلشَّرَائِطِ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ الرَّضَاعِ، فَاشْتَرَطَ التَّفْصِيلَ لِيَعْمَلَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ، وَيَحْسُنُ أَنْ يُتَوَسَّطَ فَيُقَالُ: إِنْ أَطْلَقَ فَقِيهٌ يَوْثَقُ بِمَعْرِفَتِهِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَنْزِلُ الْكَلَامَانِ عَلَيْهِ، أَوْ يُخَصُّ الْخِلَافُ بِغَيْرِ الْفَقِيهِ، وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الْإِخْبَارِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ. وَالْمَانِعُونَ مِنْ قَبُولِ الْمُطْلَقَةِ ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ. وَلَوْ قَالَ: هِيَ أُخْتِي مِنَ الرَّضَاعِ، فَفِي «الْبَحْرِ» وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ الشُّرُوطِ إِنْ كَانَ فَقِيهًا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ، فَلَا يُقِرُّ إِلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ.
الْخَامِسَةُ: إِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى فِعْلِ الرَّضَاعِ وَالِارْتِضَاعِ، لَمْ يَكْفِ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْوَقْتِ وَالْعَدَدِ بِأَنْ يَشْهَدَ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ، أَوِ ارْتَضَعَ مِنْهَا فِي الْحَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ وُصُولِ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ، كَمَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْإِيلَاجِ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ لَا يُشَاهَدُ قَالَ فِي «الْبَسِيطِ» : وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَفْصِلَهُ، وَلَوْ مَاتَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الِاسْتِفْصَالِ، هَلْ لِلْقَاضِي التَّوَقُّفُ؟ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
الشَّاهِدُ قَدْ يَسْتَيْقِنُ وُصُولَ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ بِأَنْ يُعَايِنَ الْحَلْبَ، وَإِيجَارَ الصَّغِيرِ الْمَحْلُوبَ وَازْدِرَادَهُ، وَحِينَئِذٍ يَشْهَدُ بِهِ، وَلَا إِشْكَالَ. وَقَدْ يُشَاهِدُ الْقَرَائِنَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ وَهِيَ الْتِقَامُ الثَّدْيِ وَامْتِصَاصُهُ، وَحَرَكَةُ