فِي الْمُتَفَاصِلِ فَهُنَا وَجْهَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: لَا يَثْبُتُ، لِأَنَّهُنَّ كَالْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّجُلِ، وَإِرْضَاعُ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا يَحْرُمُ إِذَا تَفَرَّقَتْ أَوْقَاتُهُ، وَأَصَحُّهُمَا: التَّحْرِيمُ لِتَعَدُّدِ الْمُرْضِعَاتِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَرْضَعْنَ مُتَوَالِيًا، ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ، صَارَتْ أُمًّا لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْهَا خَمْسًا مُتَفَاصِلَةً، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّ تِلْكَ الرَّضْعَةَ لَمْ تَكُنْ تَامَّةً، وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي انْتِقَالِ الرَّضِيعِ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ إِلَى ثَدْيِ أُخْرَى، فَعَلَى وَجْهٍ لَا يُحْسَبُ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَضْعَةٌ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: يُحْسَبُ لِكُلِّ وَاحِدَةِ رَضْعَةٌ، لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالِارْتِضَاعِ مِنَ الْأُخْرَى قَطَعَ الِارْتِضَاعَ مِنَ الْأُولَى، فَصَارَ كَالِاشْتِغَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ خِلَافٌ فِيمَا لَوِ ارْتَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ، وَتَمَّ الْحَوْلَانِ فِي خِلَالِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ، فَفِي وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ، لِأَنَّهَا لَمْ تَتِمَّ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَالْأَصَحُّ: ثُبُوتُهُ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إِلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَرْتَضِعُ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ، فَمَاتَ: أَوْ مَاتَتِ الْمُرْضِعَةُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهَا، وَجْهَيْنِ فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ قَطَعَتِ الْمُرْضِعَةُ.

فَرْعٌ

لِزَيْدٍ ابْنٌ، وَابْنُ ابْنٍ، وَأَبٌ، وَجَدٌّ، وَأَخٌ، ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ مِنْ زَوْجَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَضْعَةً، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى زَيْدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَرَّمَهَا ابْنُ الْقَاصِّ عَلَى زَيْدٍ، فَعَلَى هَذَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ دُونَ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ، لِأَنَّهَا بِارْتِضَاعِ لَبَنِ أَخِي زَيْدٍ تَكُونُ بِنْتَ عَمٍّ لِابْنٍ، وَبِنْتُ الْعَمِّ لَا تَحْرُمُ، وَمَتَى كَانَ فِي الْخَمْسَةِ مِنْ لَا يَقْتَضِي لَبَنُهُ تَحْرِيمًا، فَلَا تَحْرِيمَ.

خَمْسَةُ إِخْوَةٍ ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ مِنْ لَبَنِ زَوْجَةِ كُلِّ وَاحِدٍ رَضْعَةً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015