الرَّابِعَةِ، أَمْ يُعْتَبَرُ مُضِيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ حَيْضٌ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ، وَلِئَلَّا تَزِيدَ الْعِدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ. وَقِيلَ: إِنْ رَأَتِ الدَّمَ لِعَادَتِهَا، انْقَضَتْ بِرُؤْيَتِهِ، وَإِنْ رَأَتْهُ عَلَى خِلَافِهَا، اعْتُبِرَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَإِذَا حَكَمْنَا بِانْقِضَائِهَا بِالرُّؤْيَةِ، فَانْقَطَعَ الدَّمُ لِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَمْ يَعُدْ حَتَّى مَضَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ، ثُمَّ لَحْظَةُ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَوِ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ إِذَا اعْتَبَرْنَاهُمَا، هَلْ هُمَا مِنْ نَفْسِ الْعِدَّةِ، أَمْ يَتَبَيَّنُ بِهِمَا انْقِضَاؤُهَا وَلَيْسَا مِنْهَا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ جَعَلْنَاهُ مِنَ الْعِدَّةِ، صَحَّتْ فِيهِ الرَّجْعَةُ، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِأَجْنَبِيٍّ فِيهِ، وَإِلَّا فَيَنْعَكِسُ. وَقَدْ سَبَقَ هَذَا، وَلَكِنْ لَا يَلِيقُ إِخْلَاءُ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِكِ، أَوْ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ طُهْرِكِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْقَرْءُ الِانْتِقَالُ، اعْتُدَّ بِذَلِكَ الْجُزْءِ، وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ طَلَّقَ مَنْ لَمْ تَحِضْ أَصْلًا، إِنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ الِانْتِقَالُ، حُسِبَ طُهْرُهَا قَرْءًا، وَإِلَّا فَلَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ: الْقَرْءُ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوِشُ، أَوِ الِانْتِقَالُ، لَيْسَ مُرَادُهُمُ الطُّهْرَ بِتَمَامِهِ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تُحْسَبُ قَرْءًا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنَّهُ هَلْ يُعْتَبَرُ مِنَ الطُّهْرِ الْمُحْتَوِشِ شَيْءٌ، أَمْ يَكْفِي الِانْتِقَالُ؟ وَالْمُكْتَفُونَ بِالِانْتِقَالِ قَالُوا: الِانْتِقَالُ وَحْدَهُ قَرْءٌ، فَإِنْ وُجِدَ قَبْلَهُ شَيْءٌ مِنَ الطُّهْرِ، أَدْخَلُوهُ فِي اسْمِ الْقَرْءِ. وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ قَالَ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قَرْءٍ طَلْقَةً، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَمْ يُؤَخِّرُوا الْوُقُوعَ إِلَى الْحَيْضِ لِلِانْتِقَالِ.