صُلْبِهِ، بَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ آبَاءٌ، لَمْ يُصَدَّقْ، بَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَذْفُ، أَنَّكَ أَرَدْتَ قَذْفِي، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْقَائِلُ وَيُعَزَّرُ.
وَمُقْتَضَى هَذَا، أَنْ لَا يُصَدَّقَ الْقَائِلُ: أَرَدْتُ جَدَّةً مِنْ جَدَّاتِ الْمَقُولِ لَهُ، مَهْمَا نَازَعَتْهُ أَمُّهُ، بَلْ تُصَدَّقُ هِيَ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، وَالسَّابِقَ إِلَى الْفَهْمِ قَذْفُهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ، حَلَفَ الْقَائِلُ وَبَرِئَ.
قُلْتُ: وَإِذَا قَالَ: لَمْ أُرِدْ شَيْئًا، فَلَا حَدَّ، فَإِنِ اتَّهَمَهُ الْخَصْمُ، حَلَّفَهُ كَمَا سَبَقَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مُحْصَنًا، فَعَلَى الْقَاذِفِ الْحَدُّ، وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ. وَشُرُوطُ الْإِحْصَانِ: الْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْعِفَّةُ عَنِ الزِّنَا. فَلَوْ قَذَفَ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا، لَمْ يُحَدَّ لَكِنْ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ.
وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِكُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ، وَمِنْهُ مَا إِذَا وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ، أَوْ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، أَوْ نَكَحَ مَحْرَمًا لَهُ، أَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَكَذَا لَوْ أَوْلَجَ فِي دُبُرٍ، ثُمَّ نَقَلَ الْبَغَوِيُّ، أَنَّهُ تَبْطُلُ حَصَانَةُ الْفَاعِلِ دُونَ الْمَفْعُولِ بِهِ، لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يَحْصُلُ بِالتَّمْكِينِ فِي الدُّبُرِ، فَكَذَا لَا تَبْطُلُ بِهِ الْحَصَانَةُ، وَرَأَى هُوَ أَنْ تَبْطُلُ حَصَانَتُهُمَا جَمِيعًا، لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا.
قُلْتُ: إِبْطَالُ حَصَانَتِهِمَا، هُوَ الرَّاجِحُ، وَأَيُّ عِفَّةٍ وَحُرْمَةٍ لِمَنْ مَكَّنَ مِنْ دُبُرِهِ مُخْتَارًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْوَطْءُ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ، فَلِلْأَصْحَابِ فِي تَرْتِيبِ صُوَرِهِ وَضَبْطِهِ طُرُقٌ أَشْهَرُهَا: أَنَّهُ يُنَظَرُ، أَجَرَى ذَلِكَ فِي مِلْكِ نِكَاحٍ، أَوْ يَمِينٍ، أَمْ فِي غَيْرِ مِلْكٍ؟ .
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْمَمْلُوكُ، وَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: مُحَرَّمٌ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، كَمَنْ