سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ، وَثَبَتَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا لِإِقْرَارِهَا، وَلَا تَكُونُ قَاذِفَةً لَهُ، فَإِنْ كَذَّبَهَا وَقَالَ: بَلْ أَرَدْتِ قَذْفِي، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ فَحَلَفَتْ، فَلَهُ حَدُّ الْقَذْفِ، فَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنِّي لَمْ أَزْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْنِي غَيْرُهُ، وَلَا جَامَعَنِي هُوَ إِلَّا فِي النِّكَاحِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ زِنًا، فَهُوَ زَانٍ أَيْضًا، أَوْ قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنِّي لَمْ أَزْنِ، كَمَا لَمْ يَزْنِ هُوَ، فَلَيْسَتْ قَاذِفَةً فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا، فَإِذَا حَلَفَتْ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَإِنْ نَكَلَتْ، حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ حَدَّ الْقَذْفِ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَا زَانِي، فَقَالَ: زَنَيْتُ بِكِ، فَفِي جَوَابِهِ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: يَا زَانِيَةُ، أَوْ أَنْتِ زَانِيَةٌ، فَقَالَتْ: زَنَيْتُ بِكَ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْبَغَوِيُّ أَنَّ ذَلِكَ إِقْرَارٌ مِنْهَا بِالزِّنَا، وَقَذْفٌ لَهُ.

وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إِرَادَةِ نَفْيِ الزِّنَا عَنْهُ وَعَنْهَا، أَنْ تَكُونَ الْأَجْنَبِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ.

فَرْعٌ

قَالَ: يَا زَانِيَةُ، فَقَالَتْ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، لَمْ تَكُنْ قَاذِفَةً لَهُ، إِلَّا أَنْ تُرِيدَ الْقَذْفَ، فَلَوْ قَالَتْ: زَنَيْتُ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، أَوْ قَالَتِ ابْتِدَاءً: أَنَا زَانِيَةٌ، وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، فَهِيَ قَاذِفَةٌ لَهُ وَمُقِرَّةٌ بِالزِّنَا، وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنِ الرَّجُلِ.

وَلَوْ قَالَتِ ابْتِدَاءً: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، فَفِي كَوْنِهَا قَاذِفَةً وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ.

فَرْعٌ

قَالَ لَهُ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، أَوْ أَزْنَى مِنَ النَّاسِ، أَوْ يَا أَزْنَى النَّاسِ، فَلَيْسَ بِقَذْفٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَهُ.

قُلْتُ: هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، وَخَالَفَهُمْ صَاحِبُ «الْحَاوِي» فَقَالَ بَعْدَ حِكَايَتِهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ قَذْفٌ صَرِيحٌ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لَهُ.

وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَقَالُوا: هَذَا ظَاهِرُهُ نِسْبَةُ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَى الزِّنَا، وَأَنَّهُ أَكْثَرُ زِنًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015