فِيهِ قَوْلَانِ، كَالْفِطْرِ بِالْمَرَضِ فِي الشَّهْرَيْنِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ طَرِيقٌ جَازِمٌ، بِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ.
قُلْتُ: صَرَّحَ بِالطَّرِيقَةِ الْجَازِمَةِ، الدَّارِمِيُّ وَصَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» فَقَالَا: الْمَذْهَبُ انْقِطَاعُهُ، ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ، وَفِيهِ طَرِيقٌ ثَالِثٌ، أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ قَطْعًا، لِأَنَّ وُجُوبَ التَّتَابُعِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ هُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ، وَالْمَرَضُ لَا يَقْطَعُ عَلَى الْقَدِيمِ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبَا الْإِبَانَةِ وَالْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : هَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُهَا الِاحْتِرَازُ بِالثَّلَاثَةِ عَنِ الْحَيْضِ دُونَ الْمَرَضِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ وَيَسْتَأْنِفَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَدْ ذَكَرُوا فِي جَوَازِهِ احْتِمَالَيْنِ. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الِابْتِدَاءِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِبْطَالُ عِبَادَةٍ، فَكُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ يُبْطِلُ صِفَةَ الْفَرْضِيَّةِ، وَيَجْرِي الِاحْتِمَالَانِ فِي الْحَائِضِ وَغَيْرِهَا، فِيمَنْ شَرَعَ فِي الشَّهْرَيْنِ، ثُمَّ عَرَضَ فِطْرٌ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، ثُمَّ زَالَ فَأَرَادَ الْفِطْرَ بِلَا عُذْرٍ، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ، ثُمَّ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الشَّهْرَيْنِ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ، كَصَوْمِ يَوْمٍ، فَيَكُونُ قَطْعُهُ كَقَطْعِ فَرِيضَةٍ شَرَعَ فِيهَا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَهَذَا حَسَنٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمَسْأَلَةُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَنْوِ صَوْمَ الْغَدِ، وَقَالَ: الْإِفْطَارُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ لِبُعْدِ التَّسْلِيطِ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ: الْإِطْعَامُ، فِيهَا مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: فِي قَدْرِ الطَّعَامِ، وَهُوَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ، وَالْقَتْلِ إِنْ أَوْجَبْنَاهُ، فِيهَا سِتُّونَ مُدًّا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا، وَالْمُدُّ: رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ،