الشَّرْطُ الثَّانِي: السَّلَامَةُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ يُضِرُّ بِالْعَمَلِ إِضْرَارًا بَيِّنًا، فَلَا يُجْزِئُ الزَّمِنُ، وَلَا مَنْ يُجَنُّ أَكْثَرَ الْأَوْقَاتِ، فَإِنْ كَانَتْ إِفَاقَتُهُ أَكْثَرَ، أَجْزَأَ، وَكَذَا إِنِ اسْتَوَيَا عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَنْ يُجَنُّ وَيُفِيقُ، هُوَ الْمَذْهَبُ. وَفِي «الْمُسْتَظْهِرِيِّ» وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ كَانَتْ إِفَاقَتُهُ أَكْثَرَ، وَهُوَ غَلَطٌ مُخَالِفٌ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَالدَّلِيلِ.
وَاخْتَارَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» طَرِيقَةً حَسَنَةً فَقَالَ: إِنْ كَانَ زَمَنُ الْجُنُونِ أَكْثَرَ، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ كَانَتِ الْإِفَاقَةُ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْحَالِ، أَجْزَأَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ إِلَّا بَعْدَ حِينٍ، لَمْ يُجْزِئْ. قَالَ: وَيُجْزِئُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، لِأَنَّ زَوَالَهُ مَرْجُوٌّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يُجْزِئُ مَرِيضٌ لَا يُرْجَى زَوَالُ مَرَضِهِ، كَصَاحِبِ السُّلِّ، فَإِنْ رُجِيَ، أَجْزَأَ، فَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ لَا يُرْجَى، فَزَالَ مَرَضُهُ، أَوْ مَنْ يُرْجَى فَمَاتَ وَلَمْ يَزُلْ، أَجْزَأَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَتْلٌ، قَالَ الْقَفَّالُ: إِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُقَدَّمَ لِلْقَتْلِ، أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى، وَلَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ، وَلَا مَقْطُوعُ أُنْمُلَةٍ مِنْ إِبْهَامِ الْيَدِ، وَيُجْزِئُ مَقْطُوعُ أُنْمُلَةٍ مِنْ غَيْرِهَا، حَتَّى لَوْ قُطِعَ أَنَامِلُهُ الْعُلْيَا مِنْ أَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ، أَجْزَأَهُ، وَلَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ أُنْمُلَتَيْنِ مِنَ السَّبَّابَةِ، أَوِ الْوُسْطَى، وَيُجُزِئُ مَقْطُوعُ جَمِيعِ الْخِنْصِرِ مِنْ يَدٍ، وَالْبِنْصِرِ مِنَ الْيَدِ الْأُخْرَى، وَلَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُهُمَا مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَيُجْزِئُ مَقْطُوعُ جَمِيعِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: هُوَ كَقَطْعِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، وَالْأَشَلُّ كَالْأَقْطَعِ.
قُلْتُ: الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي طَرِيقَةِ