نُظِرَ، إِنْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ بِعَائِدٍ حَتَّى يُمْسِكَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ، وَإِنْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَنَسِيَ، فَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ عَائِدٌ، وَرَأَى الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ تَخْرِيجَ الْمَسْأَلَةِ فِي الطَّرَفَيْنِ عَلَى حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَبِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَ الْمُتَوَلِّي، أَنَّهُ إِنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، فَفِي مَصِيرِهِ عَائِدًا الْخِلَافُ فِي حِنْثِ النَّاسِي، وَإِنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، لَمْ يَصِرْ عَائِدًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَخْرُجُ عَلَى النَّاسِي، قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ فِعْلُ غَيْرِهِ، وَقَلَّمَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ حَالُ نَفْسِهِ، ثُمَّ إِذَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَفَعَلَ، صَارَ عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْفِعْلِ، كَأَنَّهُ الْآنَ تَلَفَّظَ بِالظِّهَارِ، فَإِنْ أَمْسَكَهَا بَعْدَهُ، فَعَائِدٌ، وَإِلَّا فَلَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَتَّى عَادَ، وَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ فُسِخَ النِّكَاحُ، لَمْ تَسْقُطِ الْكَفَّارَةُ. وَإِذَا جَدَّدَ النِّكَاحَ، اسْتَمَرَّ التَّحْرِيمُ إِلَى أَنْ يُكَفِّرَ، سَوَاءٌ حَكَمْنَا بِعَوْدِ الْحِنْثِ، أَمْ لَا، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ حَصَلَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَحَصَلَ الْعَوْدُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، فَهَلْ تَحِلُّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
فَصْلٌ
إِذَا وَقَّتَ الظِّهَارَ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ إِلَى شَهْرٍ، أَوْ إِلَى سَنَةٍ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: صِحَّتُهُ مُؤَقَّتًا عَمَلًا بِلَفْظِهِ، وَتَغْلِيبًا لِشِبْهِ الْيَمِينِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ مُؤَبَّدًا، تَغْلِيبًا لِشِبْهِ الطَّلَاقِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَغْوٌ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ مُؤَبَّدًا، فَالْعَوْدُ فِيهِ كَالْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ. وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ مُؤَقَّتًا، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْعَوْدُ فِيهِ كَالْعُودِ فِي الْمُطْلَقِ، وَبِهِ قَالَ