فَرْعٌ
يُتَصَوَّرُ مِنَ الذِّمِّيِّ الْإِعْتَاقُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، بِأَنْ يَرِثَ عَبْدًا مُسْلِمًا، أَوْ يَكُونَ لَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ فَيَسْلِمُ، أَوْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ الْمُسْلِمَ عَنْ كَفَّارَتِي، فَيُجِيبُهُ، أَوْ يَشْتَرِي عَبْدًا مُسْلِمًا إِنْ جَوَّزْنَاهُمَا، فَإِنْ لَمْ نُجَوِّزِ الشِّرَاءَ وَتَعَذَّرَ تَحْصِيلُهُ، فَمَا دَامَ مُوسِرًا لَا يُبَاحُ لَهُ الْوَطْءُ. وَيُقَالُ لَهُ: إِنْ أَرَدْتَ الْوَطْءَ، فَأَسْلِمْ وَأَعْتِقْ، لِأَنَّ الرَّقَبَةَ مَوْجُودَةٌ وَالتَّعَذُّرُ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الصَّوْمِ، لَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إِلَى الْإِطْعَامِ، لِأَنَّهُ يُمَكِنُهُ أَنْ يُسْلِمَ وَيَصُومَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ لِمَرَضٍ أَوْ هَرَمٍ، فَحِينَئِذٍ يُطْعِمُ فِي كُفْرِهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحَبَا «التَّهْذِيبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» ، وَحَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْقَاضِي، وَتَرَدَّدَ فِيهِ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ الذِّمِّيَّ مُقِرٌّ عَلَى دِينِهِ، فَحَمْلُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعِيدٌ، وَجَوَابُهُ، أَنَّا لَا نَحْمِلُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، بَلْ نَقُولُ: لَا نُمَكِّنُكَ مِنَ الْوَطْءِ إِلَّا هَكَذَا، فَإِمَّا أَنْ تَتْرُكَهُ، وَإِمَّا أَنْ تَسْلُكَ طَرِيقَ الْحِلِّ.
الرُّكْنُ الثَّانِي:
الصِّيغَةُ، فَصَرِيحُ الظِّهَارِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَفِي مَعْنَاهُ سَائِرُ الصِّلَاتِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ مَعِي أَوْ عِنْدِي، أَوْ مِنِّي أَوْ لِي كَظَهْرِ أُمِّي. وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الصِّلَةَ فَقَالَ: أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي، وَعَنِ الدَّارَكِيِّ: أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الصِّلَةَ، كَانَ كِنَايَةً، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُرِيدُ: أَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِي، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: «أَنْتِ طَالِقٌ» صَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: مِنِّي، وَمَتَى أَتَى بِصَرِيحِ الظِّهَارِ، وَقَالَ: أَرَدْتُ غَيْرَهُ، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا لَوْ أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَادَّعَى غَيْرَهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.
فَرْعٌ
قَوْلُهُ: جُمْلَتُكِ، أَوْ نَفْسُكِ، أَوْ ذَاتُكِ، أَوْ جِسْمُكِ، أَوْ بَدَنُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ جِسْمِهَا، أَوْ ذَاتِهَا، لِدُخُولِ الظَّهْرِ فِيهَا.