كَانَ الْمُعَلِّقُ بِهِ مُسْتَحِيلًا، كَقَوْلِهِ: حَتَّى تَصْعَدِي السَّمَاءَ، أَوْ تَطِيرِي، أَوْ كَانَ أَمْرًا يُسْتَبْعَدُ فِي الِاعْتِقَادَاتِ حُصُولُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا كَقَوْلِهِ: حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَوْ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ، أَوْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، أَوْ تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوْ بِأَمْرٍ يُعْلَمُ تَأَخُّرُهُ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَقَوْلِهِ: حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ، أَوْ أَدْخُلَ مَكَّةَ، وَالْمَسَافَةُ بَعِيدَةٌ لَا تُقْطَعُ، فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَهُوَ مُؤْلٍ. فَلَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدُومِ: ظَنَنْتُ الْمَسَافَةَ قَرِيبَةً، فَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؟ ذَكَرَ فِيهِ الْإِمَامُ احْتِمَالَيْنِ، وَالْأَقْرَبُ تَصْدِيقُهُ.
وَفِي شَرْحِ «مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ» لِلْمُوَفَّقِ بْنِ طَاهِرٍ، أَنَّ فِي التَّعْلِيقِ بِنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، لَا يُقْطَعُ بِكَوْنِهِ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ يُنْتَظَرُ، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يُوجَدِ الْمُعَلَّقُ بِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ مُؤْلِيًا وَمَكَّنَّاهَا مِنَ الْمُطَالَبَةِ، وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَذُبُولِ الْبَقْلِ وَجَفَافِ الثَّوْبِ، وَتَمَامِ الشَّهْرِ، أَوْ يُظَنُّ، كَمَجِيءِ الْمَطَرِ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْأَمْطَارِ، وَمَجِيءِ زَيْدٍ مِنَ الْقَرْيَةِ، وَعَادَتُهُ الْمَجِيءُ لِلْجُمُعَةِ، أَوْ مَجِيءِ الْقَافِلَةِ، وَعَادَتُهَا غَالِبًا الْمَجِيءُ كُلَّ شَهْرٍ، فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدُ يَمِينٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ مِمَّا لَا يُسْتَبْعَدُ حُصُولُهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يُظَنُّ، كَقَوْلِهِ: حَتَّى يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ، أَوْ أَمْرَضُ، أَوْ يَمْرَضُ فُلَانٌ، أَوْ يَقْدَمُ وَهُوَ عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقَدْ لَا يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ مُؤْلِيًا فِي الْحَالِ، فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يُوجَدِ الْمُعَلَّقُ بِهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: ثَبَتَ الْإِيلَاءُ، وَتُطَالِبُهُ، لِحُصُولِ الضَّرَرِ، وَتَبَيُّنِ طُولِ الْمُدَّةِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَصْدُ الْمُضَارَّةِ أَوَّلًا، وَأَحْكَامُ الْإِيلَاءِ مَنُوطَةٌ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الضَّرَرِ بِالِامْتِنَاعِ مِنَ الْوَطْءِ، وَلِهَذَا لَوِ امْتَنَعَ بِلَا يَمِينٍ، لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا. وَلَوْ وَطِئَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ، ارْتَفَعَتِ الْيَمِينُ بِلَا خِلَافٍ.