الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَلَوْ وَطِئَ الزَّوْجُ الرَّجْعِيَّةَ فِي الْعِدَّةِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ إِلَّا فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَهُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ فِيمَا زَادَ بِسَبَبِ الْوَطْءِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ.
وَلَوْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ، اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنِ الْوَطْءِ. وَفِي دُخُولِ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فِي عِدَّةِ الْوَطْءِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَدْخُلُ، فَعَلَى هَذَا، لَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَكَى الْبَغَوِيُّ وَجْهًا، أَنَّ الرَّجْعَةَ تَنْقَطِعُ عَلَى هَذَا بِالْحَمْلِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَدْخُلُ، فَإِذَا وَضَعَتْ، رَجَعَتْ إِلَى بَقِيَّةِ الْأَقْرَاءِ، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ فِي الْبَقِيَّةِ الَّتِي تَعُودُ إِلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ أَيْضًا قَبْلَ الْوَضْعِ عَلَى الْأَصَحِّ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ وَالرَّجْعَةِ
وَفِيهِ مَسَائِلُ.
إِحْدَاهَا: يَحْرُمُ وَطْءُ الرَّجْعِيَّةِ وَلَمْسُهَا، وَالنَّظَرُ إِلَيْهَا، وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ. فَإِنْ وَطِئَ، فَلَا حَدَّ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي إِبَاحَتِهِ، وَفِي الْعَالِمِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ، وَلَا تَعْزِيرَ أَيْضًا إِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ يَعْتَقِدُ الْإِبَاحَةَ، وَإِلَّا فَيَجِبُ. وَإِذَا وَطِئَ وَلَمْ يُرَاجِعْ، لَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ رَاجَعَهَا، فَالنَّصُّ وُجُوبُ الْمَهْرِ أَيْضًا، وَنُصَّ فِيمَا لَوِ ارْتَدَّتْ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِيهَا، فَلَا مَهْرَ. وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْمَجُوسِيِّينَ أَوِ الْوَثَنِيِّينَ وَوَطْئِهَا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ فِي الْعِدَّةِ، فَقَالَ الِاصْطَخْرِيُّ: فِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ، أَنَّهُ وَجَدَهُمَا مَنْصُوصَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، لِأَنَّ أَثَرَ الطَّلَاقِ لَا يَرْتَفِعُ