قَالَ: إِنْ لَمْ تَكُونِي أَحْسَنَ مِنَ الْقَمَرِ، أَوْ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُكِ أَحْسَنَ مِنَ الْقَمَرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الزَّجَّاجِيُّ وَالْقَفَّالُ وَغَيْرُهُمَا: لَا تُطَلَّقُ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ

[التِّينِ: 4] .

قُلْتُ: هَذَا الْحُكْمُ وَالِاسْتِشْهَادُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ ذَكَرْتُ النَّصَّ فِي تَرْجَمَةِ الشَّافِعِيِّ مِنْ كِتَابِ «الطَّبَقَاتِ» . قَالَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ: لَوْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَكُنْ أَحْسَنَ مِنَ الْقَمَرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَا تُطَلَّقُ، وَإِنْ كَانَ زِنْجِيًّا أَسْوَدَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ قَصَدْتُكِ بِالْجِمَاعِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَصَدَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَجَامَعَهَا، لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ قَصَدْتُ جِمَاعَكِ، طُلِّقَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

فَصْلٌ

حَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِزَوْجِهَا: اصْنَعْ لِي ثَوْبًا لِيَكُنْ لَكَ فِيهِ أَجْرٌ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ لِي فِيهِ أَجْرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتِ: اسْتَفْتَيْتُ فِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يُوسُفَ الْعَالِمَ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَالِمًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَاسْتَفْتَى إِبْرَاهِيمَ بْنَ يُوسُفَ فَقَالَ: لَا يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَالْمُبَاحُ لَا أَجْرَ لَهُ فِيهِ، وَيَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ النَّاسَ يُسَمُّونَنِي عَالِمًا.

وَقِيلَ: يَحْنَثُ فِي الْأُولَى أَيْضًا، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي ذَلِكَ إِذَا قَصَدَ الْبِرَّ، وَحَكَى الْوَجْهَيْنِ الْقَاضِي الرُّويَانِيُّ فِي كِتَابِهِ «التَّجْزِئَةِ» وَقَالَ: الصَّحِيحُ الثَّانِي.

قُلْتُ: لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي مِثْلِ هَذَا، لِأَنَّهُ إِنْ قَصَدَ الطَّاعَةَ كَانَ فِيهِ أَجْرٌ وَيَحْنَثُ، وَإِلَّا فَلَا، وَمُقْتَضَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، أَنْ لَا يَحْنَثَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِعْلُ نِيَّةِ الطَّاعَةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015