وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَدِ إِلَّا مَعَهَا، فَخَرَجَا، وَتَقَدَّمَ مَعَهَا بِخُطُوَاتٍ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ لِلْعُرْفِ. وَالثَّانِي: يَحْنَثُ، وَلَا يَحْصُلُ الْبِرُّ إِلَّا بِخُرُوجِهِمَا مَعًا بِلَا تَقَدُّمٍ، وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَضْرِبَهَا إِلَّا بِالْوَاجِبِ، فَشَتَمَتْهُ، فَضَرَبَهَا بِالْخَشَبِ، طُلِّقَتْ لَأَنَّ الشَّتْمَ لَا يُوجِبُ الضَّرْبَ بِالْخَشَبِ، وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْزِيرَ، وَقِيلَ خِلَافُهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ، لَا تُطَلَّقُ هُنَا، وَلَا مَسْأَلَةَ التَّقَدُّمِ بِخُطُوَاتٍ يَسِيرَةٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ عَلِمْتِ مِنْ أُخْتِي شَيْئًا فَلَمْ تَقُولِيهِ لِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، انْصَرَفَ ذَلِكَ إِلَى مَا يُوجِبُ رِيبَةً وَيُوهِمُ فَاحِشَةً، دُونَ مَا لَا يُقْصَدُ الْعِلْمُ بِهِ، كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَقُولَهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَنَّهَا لَوْ سَرَقَتْ مِنْهُ دِينَارًا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَتَرُدِّينَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ قَدْ أَنْفَقَتْهُ، لَا تُطَلَّقُ حَتَّى يَحْصُلَ الْيَأْسُ مِنْ رَدِّهِ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ تَلِفَ الدِّينَارُ وَهُمَا حَيَّانِ، فَوُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحِنْثِ بِفِعْلِ الْمُكْرَهِ.
قُلْتُ: إِنْ تَلِفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ الرَّدِّ، طُلِّقَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُ لَوْ سَمِعَ لَفْظَ رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ، وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ رَأَيْتُ الدَّمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى دَمِ الْحَيْضِ. وَقِيلَ: يَتَنَاوَلُ كُلَّ دَمٍ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ هَذِهِ الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَشَارَ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الدَّارِ، فَدَخَلَتْ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ الدَّارِ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الْوُقُوعُ ظَاهِرًا، لَكِنَّهُ إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، دُيِّنَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.