عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، يَا طَالِقُ، لَا طَلَّقْتُكِ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنْ وَطَأْتُ أَمَتِي بِغَيْرِ إِذْنِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَاسْتَأْذَنَهَا، فَقَالَتْ: طَأْهَا فِي عَيْنِهَا، لَا يَكُونُ إِذْنًا. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَمَةٌ وَزَوْجَةٌ حُرَّةٌ، فَدَعَا الْأَمَةَ إِلَى فِرَاشِهِ، فَحَضَرَتِ الْحُرَّةُ، فَوَطِئَهَا، فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنَ الْحُرَّةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْأَمَةَ، فَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ: تُطَلَّقُ، لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ، فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنَ الْحُرَّةِ، وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ وَجْهًا أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَهَا، وَهَذَا أَصَحُّ، وَبِهِ أَفْتَى الْحَنَّاطِيُّ.

فَصْلٌ

سُئِلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْرَأَنَّ عَشْرًا مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِلَا زِيَادَةٍ، وَيَقِفُ، وَلِلْقُرَّاءِ اخْتِلَافٌ فِي رَأْسِ الْعَشْرِ، فَقَالَ: مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُ الْمُفْتِي أَخَذَ بِهِ الْمُسْتَفْتِي.

وَعَنِ امْرَأَةٍ صَعِدَتْ بِالْمِفْتَاحِ السَّطْحَ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ تُلْقِي الْمِفْتَاحَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَمْ تُلْقِهِ وَنَزَلَتْ، قَالَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: إِنْ لَمْ تُلْقِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ صَدِيقُهُ فَقَالَ: تَغَدَّ مَعِي، فَامْتَنَعَ فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَتَغَدَّ مَعِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، فَلَمْ يَفْعَلْ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ تَغَدَّى بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، انْحَلَّتِ الْيَمِينُ. فَإِنْ نَوَى أَنْ يَتَغَدَّى مَعَهُ فِي الْحَالِ، فَامْتَنَعَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَرَأَى الْبَغَوِيُّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015