أَحَدُهُمَا: إِيقَاعُهُ فِي الْحَيْضِ إِذَا كَانَتْ مَمْسُوسَةً، تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ فَطَلَّقَهَا بِلَا عِوَضٍ. فَإِنْ خَالَعَ الْحَائِضَ، أَوْ طَلَّقَهَا بَعِوَضٍ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ.

وَلَوْ سَأَلَتِ الطَّلَاقَ وَرَضِيَتْ بِهِ بِلَا عِوَضٍ فِي الْحَيْضِ، أَوِ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي الْحَيْضِ، فَحَرَامٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ طُولِبَ الْمُؤْلِي بِالطَّلَاقِ، فَطَلَّقَ فِي الْحَيْضِ، فَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ بِحَرَامٍ لِأَنَّهَا طَالِبَةٌ رَاضِيَةٌ، وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: حَرَامٌ لِأَنَّهُ أَحْوَجَهَا بِالْإِيذَاءِ إِلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مُلْجَأٍ إِلَى الطَّلَاقِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْفَيْئَةِ. وَلَوْ طَلَّقَ الْقَاضِي عَلَيْهِ، إِذَا قُلْنَا بِهِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ فِي الْحَيْضِ. وَلَوْ رَأَى الْحَكَمَانِ فِي صُورَةِ الشِّقَاقِ الطَّلَاقَ، فَطَلَّقَا فِي الْحَيْضِ، فَفِي شَرْحِ «مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ» أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، لِلْحَاجَةِ إِلَى قَطْعِ الشَّرِّ.

فَرْعٌ

إِذَا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ طَلَاقًا مُحَرَّمًا، اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَإِنْ رَاجَعَ، فَهَلْ لَهُ تَطْلِيقُهَا فِي الطُّهْرِ التَّالِي لِتِلْكَ الْحَيْضَةِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَكَأَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ: هَلْ يَتَأَدَّى بِهِ الِاسْتِحْبَابُ بِتَمَامِهِ.

فَأَمَّا أَصْلُ الْإِبَاحَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ بِلَا خِلَافٍ لِانْدِفَاعِ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ.

قُلْتُ: قَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، بِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ الْإِمَامُ: قَالَ الْجُمْهُورُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَأْسَ بِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي «الْوَسِيطِ» : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ فِي هَذَا الطُّهْرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: فَشَاذٌّ أَوْ مُؤَوَّلٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ بِظَاهِرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015