يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنِ الْخُلْعِ، وَلِيَكُونَا كِنَايَتَيْنِ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكِ نَفْسَكِ. وَفِي «الزِّيَادَاتِ» لِأَبِي عَاصِمٍ: إِنَّ بَيْعَ الطَّلَاقِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ صَرِيحٌ.
وَرَأَى إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنْ يُنَزَّلَ قَوْلُهُ: بِعْتُكِ طَلَاقَكِ بِكَذَا مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ: مَلَّكْتُكِ طَلَاقَكِ بِكَذَا، حَتَّى إِذَا طُلِّقَتْ فِي الْمَجْلِسِ، لَزِمَ الْمَالُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ. وَإِنْ نَوَيَا مُجَرَّدَ بَيْعِ الطَّلَاقِ وَشِرَائِهِ مِنْ غَيْرِ إِيقَاعِ طَلَاقٍ مِنْهَا، وَبِغَيْرِ نِيَّةِ طَلَاقٍ مِنْهُ، فَهَذَا التَّصَرُّفُ فَاسِدٌ، وَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ. وَإِسْمَاعِيلُ هَذَا إِمَامٌ غَوَّاصٌ مُتَأَخِّرٌ لَقِيَهُ مَنْ لَقِينَاهُ.
فَرْعٌ
قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ: خَالَعْتُكِ، فَإِنْ جَعْلَنَا الْخُلْعَ فَسْخًا، لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ، أَوْ كِنَايَةً وَنَوَى، حَصَلَتِ الْبَيْنُونَةُ وَلَزِمَ الْمَالُ.
وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَتْ: خَالِعْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْخُلْعُ فَسْخٌ، لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ فُرْقَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِبْهَا.
وَقِيلَ: يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَاهَا فُرْقَةً أَقْوَى مِمَّا طَلَبَتْ، فَكَأَنَّهُ زَادَ، كَمَنْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً فَطَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: طَلَّقْتُكِ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُسِمِّ الْمَالَ، وَقَعَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، وَإِنْ سَمَّاهُ، لَمْ يَقَعْ مَا لَمْ يَقْبَلْ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً وَنَوَتْ، حَصَلَتِ الْبَيْنُونَةُ وَلَزِمَ الْمَالُ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ كِنَايَةً وَلَمْ يَنْوِ، فَقَوْلُهَا لَغْوٌ. وَالزَّوْجُ مُبْتَدِئٌ بِالطَّلَاقِ.
وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي طَلَاقِهَا فَخَالَعَ، فَإِنْ قُلْنَا: الْخُلْعُ فَسْخٌ،