كِنَايَةٌ وَفِي «الْإِمْلَاءِ» : صَرِيحٌ. قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ الثَّانِيَ، وَلَفْظُ الْمُفَادَاةِ كَلَفْظِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَقِيلَ: كِنَايَةٌ قَطْعًا. وَإِذَا قُلْنَا: لَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ، فَذَاكَ إِذَا ذَكَرَ الْمَالَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، فَكِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
وَهَلْ يَقْتَضِي الْخُلْعُ الْمُطْلَقُ الْجَارِي بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ ثُبُوتَ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: نَعَمْ لِلْعُرْفِ، وَكَالْخُلْعِ عَلَى خَمْرٍ، وَالثَّانِي: لَا لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْمَالَ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا أَوْ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً وَنَوَى، وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَحَصَلَتِ الْبَيْنُونَةُ.
وَإِنْ جَعَلْنَاهُ كِنَايَةً وَلَمْ يَنْوِ، لَغَا، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتِ الْمَالَ عِنْدَ الطَّلَاقِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ فَسْخًا، لَغَا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِالتَّرَاضِي لَا يَكُونُ إِلَّا بِعِوَضٍ، هَكَذَا حَكَاهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرُوا أَنَّ مَسَاقَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ نَفَى الْعِوَضَ فِي الْخُلْعِ، لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ عَلَى قَوْلِ الْفَسْخِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْقِيَاسُ الْحَقُّ صِحَّتُهُ بِلَا عِوَضٍ.
وَإِنْ جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا إِمَّا صَرِيحًا وَإِمَّا كِنَايَةً وَنَوَى، فَهُوَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، وَفِي افْتِقَارِهِ إِلَى قَبُولِهَا وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ، صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيُّ لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَالْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا قَالَ: خَالَعْتُكِ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَانْتَظَرَ قَبُولَهَا. أَمَّا لَوْ قَالَ: خَلَعْتُ أَوْ خَالَعْتُ، وَلَمْ يُضْمِرِ الْتِمَاسَ الْجَوَابِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْجَوَابِ قَطْعًا، كَمَا لَوْ قَالَ: فَارَقْتُكِ.
وَلَوْ نَوَى الْمَالَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَقُلْنَا: مُطْلَقُهُ لَا يَقْتَضِي مَالًا، فَهَلْ تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ فِي ثُبُوتِ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ يَقْرُبَانِ مِنِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بِالْكِنَايَاتِ.
فَإِنْ قُلْنَا: تُؤَثِّرُ، ثَبَتَ الْمَالُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّتِهَا أَيْضًا. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تُؤَثِّرُ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَيُلْغَى مِنْهُ الْمَالُ، أَمْ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ لَا مُطْلَقًا؟ وَجْهَانِ.
وَفِي «فَتَاوَى