كِتَابُ الْخُلْعِ.

هُوَ الْفُرْقَةُ بِعِوَضٍ يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ، وَأَصْلُ الْخُلْعِ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهِ، وَسَوَاءٌ فِي جَوَازِهِ خَالَعَ عَلَى الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ، أَوْ مَالٍ آخَرَ أَقَلَّ مِنَ الصَّدَاقِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَيَصِحُّ فِي حَالَتَيِ الشِّقَاقِ وَالْوِفَاقِ، وَخَصَّهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِالشِّقَاقِ، ثُمَّ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ إِنْ جَرَى فِي حَالِ الشِّقَاقِ، أَوْ كَانَتْ تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ دِينِهِ، أَوْ تَحَرَّجَتْ مِنَ الْإِخْلَالِ بِبَعْضِ حُقُوقِهِ، أَوْ ضَرَبَهَا تَأْدِيبًا فَافْتَدَتْ.

وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِهِ مَا إِذَا مَنَعَهَا نَفَقَةً أَوْ غَيْرَهَا فَافْتَدَتْ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا، فَأَسَاءَ عِشْرَتَهَا، وَمَنَعَهَا بَعْضَ حَقِّهَا حَتَّى ضَجِرَتْ وَافْتَدَتْ، كُرِهَ الْخُلْعُ وَإِنْ كَانَ نَافِذًا، وَيَأْثَمُ الزَّوْجُ بِفِعْلِهِ.

وَفِي وَجْهٍ، مَنْعُهُ حَقَّهَا كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْخُلْعِ بِالضَّرْبِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَإِذَا أَكْرَهَهَا بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ فَاخْتَلَعَتْ، فَقَالَتْ مُبْتَدِئَةً: خَالِعْنِي عَلَى كَذَا فَفَعَلَ، لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا إِنْ لَمْ يُسَمِّ مَالًا.

وَإِنْ سَمَّاهُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ مُخْتَارَةً، وَفِي «التَّتِمَّةِ» وَجْهٌ، أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَالَ.

وَلَوِ ابْتَدَأَ وَقَالَ: طَلَّقْتُكِ عَلَى كَذَا وَأَكْرَهَهَا بِالضَّرْبِ عَلَى الْقَبُولِ، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى بَذْلِ مَالٍ عِوَضًا عَنِ الطَّلَاقِ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً، فَالْمَالُ مَرْدُودٌ إِلَيْهَا، وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ الْأَصْحَابُ: مَوْضِعُ الرَّجْعَةِ مَا إِذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْخُلْعِ، بَلْ أَنْكَرَ الْمَالَ أَوْ سَكَتَ. فَأَمَّا إِذَا اعْتَرَفَ بِالْخُلْعِ وَأَنْكَرَ الْإِكْرَاهَ، فَالطَّلَاقُ بَائِنٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015