حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا لِيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا، أَوْ يُفَرِّقَا إِنْ عَسُرَ الْإِصْلَاحُ.
وَهَلْ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ وَاجِبٌ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ: عَلَيْهِ بَعْثُهُمَا، وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، وَحُجَّتُهُ الْآيَةُ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يُسْتَحَبُّ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ: الْوُجُوبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الْمَبْعُوثَانِ، وَكِيلَانِ لِلزَّوْجَيْنِ أَمْ حَاكِمَانِ مُوَلَّيَانِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا: وَكِيلَانِ، فَعَلَى هَذَا يُوَكِّلُ الزَّوْجُ حَكَمَهُ فِي التَّطْلِيقِ عَلَيْهِ وَقَبُولِ الْخُلْعِ، وَالْمَرْأَةُ حَكَمَهَا بِبَذْلِ الْعِوَضِ وَقَبُولِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَجُوزُ بَعْثُهُمَا إِلَّا بِرِضَاهُمَا.
فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ، أَدَّبَ الْقَاضِي الظَّالِمَ، وَاسْتَوْفَى حَقَّ الْمَظْلُومِ. وَإِذَا قُلْنَا: هُمَا حَكَمَانِ، لَمْ يُشْتَرَطْ رِضَى الزَّوْجَيْنِ فِي بَعْثِهِمَا. وَإِذَا رَأَى حَكَمُ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ، اسْتَقَلَّ بِهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ، لَكِنْ إِنْ رَاجَعَهَا الزَّوْجُ وَدَامَا عَلَى الشِّقَاقِ، طَلَّقَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً.
وَإِنْ رَأَى الْخُلْعَ وَوَافَقَهُ حَكَمُهَا، تَخَالَعَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ. وَلَوْ رَأَى الْحَكَمَانِ أَنْ تَتْرُكَ الْمَرْأَةُ بَعْضَ حَقِّهَا مِنْ قَسْمٍ وَنَفَقَةٍ، أَوْ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ لَا يَنْكِحَ عَلَيْهَا غَيْرَهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ.
وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُتَعَلِّقٌ بِالنِّكَاحِ، أَوْ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ، لَمْ يَجُزْ لِلْحَكَمِ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَى صَاحِبِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَبْعُوثَيْنِ التَّكْلِيفُ قَطْعًا، وَيُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُشْتَرَطُ الِاهْتِدَاءُ إِلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثِهِمَا.
وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ إِلَى خِلَافٍ فِيهِ. وَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ إِنْ قُلْنَا: حَكَمَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: