فَرْعٌ
قَالَ فِي «الْأُمِّ» : لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعٌ، فَتَرَكَ الْقَسْمَ لِإِحْدَاهُنَّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، قَسَمَ لَهَا عَشْرًا. قَالَ الْأَصْحَابُ: صُورَتُهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ الثَّلَاثِ عَشْرًا عَشْرًا، وَيُعَطِّلُ عَشْرَ الرَّابِعَةِ، فَلَا يَبِيتُ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فِيهَا. أَمَّا إِذَا وَزَّعَ الْأَرْبَعِينَ عَلَى الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ، فَحِصَّةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَثُلُثٌ، فَيَقْسِمُ لِلرَّابِعَةِ مِثْلَ ذَلِكَ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ حَقَّهَا مِنَ الْقَسْمِ، لَمْ يَلْزَمِ الزَّوْجَ الْقَبُولُ، فَلَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي نَوْبَتِهَا. فَإِنْ رَضِيَ بِالْهِبَةِ، نُظِرَ، إِنْ وَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ، جَازَ وَيَبِيتُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهَا لَيْلَتَيْنِ.
فَإِنْ كَانَتْ نَوْبَةُ الْوَاهِبَةِ مُتَّصِلَةً بِنَوْبَةِ الْمَوْهُوبِ لَهَا، بَاتَ لَيْلَتَيْنِ وَلَاءً، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِذَا انْتَهَتِ النَّوْبَةُ إِلَى الْمَوْهُوبِ لَهَا، بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَيْهِ وَالْمِقْدَارُ لَا يَخْتَلِفُ.
وَقِيَاسُ هَذَا، أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ أَسْبَقَ، وَبَاتَ فِيهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهَا، يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ لَهَا لَيْلَتَهَا وَيَبِيتَهَا مُتَّصِلَةً بِهَا، وَأَصَحُّهُمَا: لَا تَجُوزُ الْمُوَالَاةُ، بَلْ يَبِيتُ اللَّيْلَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَيْنِ.
وَلَوْ طَلَّقَ الْوَاهِبَةَ، لَمْ يَبِتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا لَيْلَتَهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ رِضَى الْمَوْهُوبِ لَهَا عَلَى الصَّحِيحِ.
وَإِنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا لِلزَّوْجِ، فَهَلْ لَهُ تَخْصِيصُ وَاحِدَةٍ بِنَوْبَةِ الْوَاهِبَةِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْأَكْثَرِينَ.
فَعَلَى هَذَا، يُنْظَرُ هَلِ اللَّيْلَتَانِ مُتَّصِلَتَانِ أَمْ لَا؟ وَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، فَتُجْعَلُ الْوَاهِبَةُ كَالْمَعْدُومَةِ، وَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ.
وَلَوْ أَبْقَى الدَّوْرَ بِحَالِهِ، وَبَاتَ لَيْلَةَ الْوَاهِبَةِ فِي كُلِّ دَوْرٍ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَاقِيَاتِ، فَلَا تَفْضِيلَ وَلَا مَيْلَ، فَلَا يَبْعُدُ تَجْوِيزُهُ. فَإِنْ جَازَ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجُوزَ وَضْعُ الدَّوْرِ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَلِكَ، بِأَنْ تُجْعَلَ لَيْلَةٌ بَيْنَ لَيَالِيهِنَّ دَائِرَةً بَيْنَهُنَّ.
وَلَوْ وَهَبَتْ حَقَّهَا لِجَمِيعِ الضَّرَّاتِ، أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مُطْلَقًا، وَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ فِيهِ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ بِلَا خِلَافٍ.