الثَّانِيَةُ: إِذَا نَشَزَتْ عَنْ زَوْجِهَا، بِأَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَسْكَنِهِ، أَوْ أَرَادَ الدُّخُولَ عَلَيْهَا فَأَغْلَقَتِ الْبَابَ وَمَنَعَتْهُ، أَوِ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، أَوْ مَنَعَتِ التَّمْكِينَ، فَلَا قَسْمَ لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ. وَإِذَا عَادَتْ إِلَى الطَّاعَةِ، لَمْ تَسْتَحِقَّ الْقَضَاءَ، وَامْتِنَاعُ الْمَجْنُونَةِ كَامْتِنَاعِ الْعَاقِلَةِ، لَكِنْ لَا تَأْثَمُ.
الثَّالِثَةُ: إِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ وَطَافَ عَلَيْهِنَّ فِي مَسَاكِنِهِنَّ، فَذَاكَ، وَإِنِ انْفَرَدَ، فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُضِيِّ إِلَيْهِنَّ وَدُعَائِهِنَّ إِلَى مَسْكَنِهِ فِي نَوْبَتِهِنَّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنْ دَعَاهُنَّ، لَزِمَهُنَّ الْإِجَابَةُ. وَمَنِ امْتَنَعَتْ، فَهِيَ نَاشِزَةٌ.
وَهَلْ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بَعْضَهُنَّ إِلَى مَسْكَنِهِ وَيَمْضِيَ إِلَى مَسْكَنِ بَعْضِهِنَّ؟ وَجْهَانِ. وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
فَإِنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ لِيَدْعُوَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ، كَالْمُسَافِرَةِ بِبَعْضِهِنَّ بِالْقُرْعَةِ. ثُمَّ الْوَجْهَانِ، إِذَا لَمْ يَكُنِ التَّخْصِيصُ بِعُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ بِأَنْ كَانَ مَسْكَنُ إِحْدَاهُمَا قَرِيبًا إِلَيْهِ، فَمَضَى إِلَيْهَا وَدَعَا الْأُخْرَى لِتَخِفَّ عَنْهُ مُؤْنَةُ السَّيْرِ، لَزِمَهَا الْإِجَابَةُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ عَجُوزٌ وَشَابَّةٌ، فَحَضَرَ بَيْتَ الشَّابَّةِ لِكَرَاهَةِ خُرُوجِهَا وَدَعَا الْعَجُوزَ، فَلَزِمَهَا الْإِجَابَةُ، فَإِنْ أَبَتْ، بَطَلَ حَقُّهَا.
وَإِذَا كَانَ يَدْعُوهُنَّ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَمَنَعَ بَعْضَهُنَّ شُغْلٌ لَهَا، بَطَلَ حَقُّهَا. وَإِنْ مَنَعَهَا مِنَ الْإِجَابَةِ مَرَضٌ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَيْهِ.
وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَهُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، وَدَعَا الْبَاقِيَاتِ إِلَى بَيْتِهَا، لَمْ تَلْزَمْهُنَّ الْإِجَابَةُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ.