بِقَوْلِهِ: لَا أَشْتَهِي هَذَا الطَّعَامَ، أَوْ مَا اعْتَدْتُ أَكْلَهُ، لِحَدِيثِ الضَّبِّ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَضَرَ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَمْ يَأْكُلْ أَنْ يَدْعُوَ لِأَهْلِ الطَّعَامِ، وَيُسْتَحَبُّ التَّرْحِيبُ بِالضَّيْفِ وَحَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ، وَسُرُورُهُ بِهِ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ. فَفِي الصَّحِيحَيْنِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
يَجُوزُ نَثْرُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالتَّمْرِ وَالسُّكَّرِ وَنَحْوِهَا فِي الْإِمْلَاكَاتِ. وَهَلْ يُكْرَهُ أَمْ يُسْتَحَبُّ، أَمْ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُكْرَهُ، بَلْ تَرْكُهُ أَوْلَى؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
أَصَحُّهَا الثَّالِثُ. وَالْتِقَاطُ النِّثَارِ جَائِزٌ، لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، إِلَّا إِذَا عُرِفَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْدَحِ الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَتِهِ، ثُمَّ مَنِ الْتَقَطَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ.
وَهَلْ يَمْلِكُهُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَفْظُ تَمْلِيكٍ لِمُعَيَّنٍ وَالثَّانِي: يَمْلِكُ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ، وَالْأَئِمَّةُ إِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَمْيَلُ، وَهُوَ مُقْتَضَى إِطْلَاقِ أَكْثَرِهِمْ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ، لِلنَّاثِرِ الِاسْتِرْجَاعُ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَهُ الِاسْتِرْجَاعُ مَا لَمْ يَخْرُجِ الْمُلْتَقِطُ مِنَ الدَّارِ، وَعَلَيْهِ الْغُرْمُ إِنْ أَتَلَفَهُ. وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ فَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ النَّاثِرِ بِالنَّثْرِ، أَمْ بِأَخْذِ الْمُلْتَقِطِ، أَمْ بِإِتْلَافِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالْأَخْذِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.