ثُبُوتِ النِّكَاحِ. وَعُدَّ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثِ، أَمَّا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَيْنِي وَبَيْنَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ اشْتَرَاهَا، أَوْ جَرَى رَضَاعٌ أَوْ رِدَّةٌ، فَلَا يُقْطَعُ الدَّوْرُ مِنْ أَوَّلِهِ بِأَنْ نَقُولَ:
[لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، لَكِنْ يُقْطَعُ مِنْ آخِرِهِ، بِأَنْ نَقُولَ] يَنْفَسِخُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَرُبَّمَا نَعُودُ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ وَالدَّوْرُ فِيهَا لَفْظِيٌّ.
لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ التَّسَرِّي ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، فَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ جَارِيَةً وَقُلْنَا بِالْجَدِيدِ: إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ، فَلَوِ اسْتَوْلَدَهَا، كَانَ الْوَلَدُ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّهُ يَمْلِكُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَتَسَرَّى بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَا يَتَسَرَّى بِغَيْرِ إِذْنِهِ. لَكِنْ لَوْ وَطِئَ، لَمْ يُحَدَّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ. وَلَوِ اسْتَوْلَدَهَا، فَالْوَلَدُ مِلْكٌ لَهُ، لَكِنْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَتَعَلُّقِ حَقِّ السَّيِّدِ بِهِ. فَإِنْ عَتَقَ، عَتَقَ الْوَلَدَ أَيْضًا، وَحُكْمُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةِ حُكْمِ الْقِنِّ فِي هَذَا. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً بِمَا كَسَبَهُ بِحُرِّيَّتِهِ مَلَكَهَا، لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ ; لِأَنَّ بَعْضَهُ مَمْلُوكٌ وَالْوَطْءُ يَقَعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْبَعْضِ الْحُرُّ. وَمَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إِلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ، كَمَا أَنَّهُ يَأْكُلُ كَسْبَهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ. فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ وَقُلْنَا: لَا بُدَّ مِنْ إِذْنِهِ، فَعَلَى الْقَدِيمِ: يَجُوزُ. وَعَلَى الْجَدِيدِ: لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْمِلْكِ يَمْنَعُ التَّسَرِّي، وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَسَرَّى بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ كَتَبَرُّعَاتِهِ.