أَنَّهُ يَرِثُ، وَوَجْهًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ مَلَكَ الْمَرِيضُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، كَهِبَةِ وَارِثٍ، فَهَلْ يَرِثُ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنَ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي «كِتَابِ الْوَصَايَا» وَبِالتَّوْرِيثِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ.
فَرْعٌ
ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُخْتَصَرِ جَمْعِهِ فِي الْمَسَائِلِ الدَّوْرِيَّةِ، أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِعِتْقِ عَبْدٍ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ الْعَبْدُ مَعَ آخَرَ فَشَهِدَا بِجُرْحِ الشَّاهِدِينَ، لَمْ يُقْبَلْ. وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هُمَا ثُلُثُ مَالِهِ، فَشَهِدَا عَلَى الْمَيِّتِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِإِعْتَاقٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ زَكَاةٌ، لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ، كَذَا حَكَى عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبَلَ فِي النِّكَاحِ وَلَا مَهْرَ، وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَهُ فَشَهِدَا أَنَّهُ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَسَفَهٍ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا. وَأَنَّهُ لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَقَدْ مَاتَ، وَوَارِثُهُ فِي الظَّاهِرِ أَخُوهُ، فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، ثَبَتَ النَّسَبُ وَلَا يَرِثُ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ مَعَ النُّكُولِ كَالْإِقْرَارِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ، فَيَرِثُ. وَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ عَبْدَيْنِ يُعْتِقَانِ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَاهُ، أَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ يَسْتَغْرِقُ تَرِكَتَهُ، لَمْ يَثْبُتِ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِمَا.
وَأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ، فَادَّعَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهَا.