الظَّاهِرَ أَنَّ بَكَارَتَهَا هِيَ الْأَصْلِيَّةُ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ ; لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَصْلُ دَوَامُ النِّكَاحِ.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: قَالَتْ، طَلَّقَنِي بَعْدَ الدُّخُولِ فَلِي كُلُّ الْمَهْرِ، فَقَالَ: بَلْ قَبْلَهُ فَلَكِ النِّصْفُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِلْأَصْلِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مُؤَاخَذَةً بِقَوْلِهَا، وَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى، وَلِلزَّوْجِ نِكَاحُ بِنْتِهَا وَأُخْتِهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا فِي الْحَالِ. فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ مُحْتَمَلٍ، ثَبَتَ النَّسَبُ وَتَقَوَّى بِهِ جَانِبُهَا، فَيُرْجَعُ إِلَى تَصْدِيقِهَا، وَتُطَالِبُ الزَّوْجَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْعَبَّادِيُّ ; لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يُورِثُ يَقِينَ الْوَطْءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا ظَهَرَتِ الْبَكَارَةُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَحَلُّ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تَصْدِيقِ النَّافِي. فَإِنْ لَاعَنَ الزَّوْجُ وَنَفَى الْوَلَدَ، فَقَدْ زَالَ الْمُرَجَّحُ فَتَعُودُ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَيَسْتَمِرُّ الْأَمْرُ عَلَى مَا سَبَقَ.
وَحَيْثُ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِي الْإِصَابَةِ، فَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُوَافِقْ عَلَى جَرَيَانِ خُلُوِّهِ، فَإِنْ وَافَقَ، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَالثَّانِي: تَصْدِيقُ الْمُثْبِتِ. فَعَلَى هَذَا: تُضَمُّ هَذِهِ الصُّورَةُ إِلَى مَوَاضِعَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ تَصْدِيقِ النَّافِي وَتَصِيرُ أَرْبَعَةً، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
قُلْتُ: عَجَبٌ قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيمَا إِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِزَمَنٍ مُحْتَمَلٍ أَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ، فَفِي الْمُهَذَّبِ وَالتَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ، فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا، أَمْ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يُولِجُ بَعْضَ الْحَشَفَةِ أَوْ يُبَاشِرُ فِيمَا قَارَبَ الْفَرْجِ فَيُدْخِلُ الْمَنِيَّ فَيَلْحَقُ النَّسَبُ وَلَا وَطْءَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.