الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْكُفَّارِ، مُنْقَسِمٌ إِلَى مَا يُحَصَّلُ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ، وَإِلَى حَاصِلٍ بِذَلِكَ، وَيُسَمَّى الْأَوَّلُ: فَيْئًا. وَالثَّانِي: غَنِيمَةً. ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسْعُودِيُّ وَطَائِفَةٌ أَنَّ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَالَيْنِ يَقَعُ عَلَى الْآخَرِ إِذَا أُفْرِدَ بِالذِّكْرِ، فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا، افْتَرَقَا؛ كَاسْمَيِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ وَغَيْرُهُ: اسْمُ الْفَيْءِ يَشْمَلُ الْمَالَيْنِ، وَاسْمُ الْغَنِيمَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَوَّلَ. وَفِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ مَا يُشْعِرُ بِهِ.
وَبَيَانُ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ يَقَعُ فِي بَابَيْنِ:
[الْبَابُ] الْأَوَّلُ
فِي الْفَيْءِ
فَمِنْهُ مَا جَلَا عَنْهُ الْكُفَّارُ خَوْفًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا سَمِعُوا خَبَرَهُمْ أَوْ لِضُرٍّ أَصَابَهُمْ، وَجِزْيَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَا صُولِحَ عَلَيْهِ أَهْلُ بَلَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ، وَعُشُورُ تِجَارَاتِهِمُ الْمَشْرُوطَةُ عَلَيْهِمْ إِذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ، وَمَالُ مَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ، وَمَالُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عِنْدَنَا، وَلَا وَارِثَ لَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُخَمَّسٌ عَلَى مَا سَنُفَصِّلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَحُكِيَ عَنِ الْقَدِيمِ: أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لَا يُخَمَّسُ. فَقِيلَ: يَخْتَصُّ هَذَا الْقَوْلُ بِالْمُرْتَدِّ، وَيُخَمَّسُ مَا سِوَاهُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ يَسْتَصْحِبُ بِهِ حُكْمَ الْإِسْلَامِ، كَمَا يُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ وَتَلْزَمُهُ الْحُدُودُ. وَقِيلَ: مَا تَرَكُوهُ خَوْفًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُخَمَّسُ قَطْعًا، وَفِيمَا سِوَاهُ يَطَّرِدُ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ فِي جَمِيعِ مَالِ الْفَيْءِ قَوْلَيْنِ: الْجَدِيدُ: يُخَمَّسُ كَالْغَنِيمَةِ. وَالْقَدِيمُ: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ صُولِحُوا عَلَى الضِّيَافَةِ، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لِأَهْلِ الْخُمُسِ فِي مَالِ الضِّيَافَةِ، بَلْ يَخْتَصُّ بِهِ الطَّارِقُونَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يُخَمَّسُ،