دَيْنِهِ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ: لَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُودَعِ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، فَلَا يُغْنِي الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّ الْوَدَائِعَ حَقُّهَا الْإِخْفَاءُ، بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ. فَإِذَا قُلْنَا: يَجِبُ، فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ: أَنَّهُ إِنْ دَفَعَ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ مِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ، ضَمِنَ. وَإِنْ دَفَعَ بِحَضْرَتِهِ، لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ.
طَالَبَهُ الْمَالِكُ بِرَدِّهَا، فَادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَالسَّرِقَةِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَإِنِ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ وَالْغَارَةِ وَالسَّيْلِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا ادَّعَاهُ بِتِلْكَ الْبُقْعَةِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْهَلَاكِ بِهِ. وَإِنْ عُرِفَ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوِ الِاسْتِفَاضَةِ، نُظِرَ، إِنْ عُرِفَ عُمُومُهُ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ عُمُومُهُ، وَاحْتُمِلَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبِ الْوَدِيعَةَ، صُدِّقَ بِالْيَمِينِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ التَّلَفِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُكَلَّفُ بَيَانُ سَبَبِهِ.
وَإِذَا نَكَلَ الْمُودَعُ عَنِ الْيَمِينِ، حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ، وَعَدَّ الْمُتَوَلِّي مَوْتَ الْحَيَوَانِ وَالْغَصْبِ مِنَ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ. وَفِي ((التَّهْذِيبِ)) إِلْحَاقُ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ.
فَصْلٌ
إِذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ عَلَى الَّذِي ائْتَمَنَهُ وَهُوَ الْمَالِكُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَلِفِ، نَابَ عَنْهُ وَارِثُهُ وَانْقَطَعَتِ الْمُطَالَبَةُ بِحَلِفِهِ. وَإِنِ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنِ ائْتَمَنَهُ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَتَفْصِيلُهُ بِصُوَرٍ.
إِحْدَاهَا: إِذَا مَاتَ الْمَالِكُ، لَزِمَ الْمُودَعَ الرَّدُّ عَلَى وَرَثَتِهِ. حَتَّى لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ