مُؤْنَتِهِ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا عَلَى الْمُودَعِ رَفْعُ الْيَدِ وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَمَالِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، دَخَلَتِ الْوَدِيعَةُ فِي ضَمَانِهِ. وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ يَعْسُرُ قَطْعُهُ، بِأَنْ طَالَبَهُ فِي جُنْحِ اللَّيْلِ وَالْوَدِيعَةُ فِي خِزَانَةٍ لَا يَتَأَتَّى فَتْحُ بَابِهَا فِي الْوَقْتِ، أَوْ كَانَ مَشْغُولًا بِصَلَاةٍ أَوْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، أَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ فَأَخَّرَ حَتَّى يَفْرَغَ، أَوْ كَانَ مُلَازِمًا لِغَرِيمٍ يَخَافُ هَرَبَهُ، أَوْ كَانَ الْمَطَرُ وَاقِعًا وَالْوَدِيعَةُ فِي الْبَيْتِ فَأَخَّرَ حَتَّى يَنْقَطِعَ وَيَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَهُ التَّأْخِيرُ قَطْعًا. فَلَوْ تَلِفَتِ الْوَدِيعَةُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ؛ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيِّ أَيْضًا. وَلَفْظُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ يُشْعِرُ بِتَفْصِيلٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إِلَى الْوَدِيعَةِ، فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ كَانَ لِعُسْرٍ يَلْحَقُهُ، أَوْ غَرَضٍ يَفُوتُهُ، ضَمِنَ.

قُلْتُ: الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

قَالَ الْمُودَعُ: لَا أَرُدُّ حَتَّى تُشْهِدَ أَنَّكَ قَبَضْتَهَا، فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ سَبَقَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَوَجْهٌ رَابِعٌ، أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَالِكُ أَشْهَدَ بِالْوَدِيعَةِ عِنْدَ دَفْعِهَا، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا، فَلَا.

فَرْعٌ

يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ أَهْلًا لِلْقَبْضِ. فَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ كَانَ نَائِمًا فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ، لَمْ يَجُزْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015