الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ أَحْرَزَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: إِنْ كَانَ أَحْرَزَ مِنَ الْأَوَّلِ أَوْ مِثْلَهُ، لَمْ يَضْمَنْ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ نَقَلَ لِضَرُورَةِ غَارَةٍ، أَوْ غَرَقٍ، أَوْ حَرِيقٍ، أَوْ غَلَبَةِ لُصُوصٍ، لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ حِرْزًا لِمِثْلِهَا. وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهِ دُونَ الْأَوَّلِ إِذَا لَمْ يَجِدْ أَحْرَزَ مِنْهُ. وَلَوْ تَرَكَ النَّقْلَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّهْيِ تَحْصِيلَ الِاحْتِيَاطِ.

وَلَوْ قَالَ: لَا تَنْقُلْهَا وَإِنْ حَدَثَتْ ضَرُورَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا، لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَتْلِفْ مَالِي، فَأَتْلَفَهُ، لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ نَقَلَ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الصِّيَانَةَ.

وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ النَّقْلُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، فَاخْتَلَفَا فِي وُقُوعِهَا، فَإِنْ عُرِفَ هُنَاكَ مَا يَدَّعِيهِ الْمُودَعُ، صَدَقَ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، صَدَقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ. وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازِ وَجْهًا، أَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يُغْنِيهِ عَنِ الْيَمِينِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا فِيمَا إِذَا كَانَ الْبَيْتُ أَوِ الدَّارُ الْمُعَيَّنَةُ لِلْمُودَعِ. أَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمَالِكِ، فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ إِخْرَاجُهَا مِنْ مِلْكِهِ بِحَالٍ، إِلَّا أَنْ تَقَعَ ضَرُورَةٌ.

الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا نَقَلَهَا مِنْ ظَرْفٍ إِلَى ظَرْفٍ، كَخَرِيطَةٍ إِلَى خَرِيطَةٍ، وَصُنْدُوقٍ إِلَى صُنْدُوقٍ، فَالْمُتَلَخِّصُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى اضْطِرَابِهِ، أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَجْرِ فَتْحُ قُفْلٍ وَلَا فَضُّ خَتْمٍ وَلَا خَلْطٌ، وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمَالِكُ ظَرْفًا، فَلَا ضَمَانَ لِمُجَرَّدِ النَّقْلِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الصَّنَادِيقُ لِلْمُودَعِ أَوْ لِلْمَالِكِ. وَإِذَا كَانَتْ لِلْمَالِكِ، فَحُصُولُهَا فِي يَدِ الْمُودَعِ قَدْ يَكُونُ بِجِهَةِ كَوْنِهَا وَدِيعَةً أَيْضًا. إِمَّا فَارِغَةً، وَإِمَّا مَشْغُولَةً بِالْوَدِيعَةِ، وَقَدْ تَكُونُ بِجِهَةِ الْعَارِيَةِ. وَإِنْ جَرَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَالْفَضُّ وَالْفَتْحُ وَالْخَلْطُ سَبَقَ أَنَّهَا مُضَمَّنَةٌ. وَإِنْ عَيَّنَ ظَرْفًا، نُظِرَ، إِنْ كَانَتِ الظُّرُوفُ لِلْمَالِكِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا لِأَنَّهُمَا وَدِيعَتَانِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا حِفْظُ أَحَدِهِمَا فِي حِرْزٍ وَالْأُخْرَى فِي آخَرَ. فَعَلَى هَذَا إِنْ نَقَلَ إِلَى مَا دُونَ الْأَوَّلِ، ضَمِنَ، وَإِلَّا، فَلَا. وَإِنْ كَانَتِ الظُّرُوفُ لِلْمُودَعِ، فَهِيَ كَالْبُيُوتِ بِلَا خِلَافٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015