السَّلَامَةُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ سَافَرَ بِهَا لِعُذْرٍ، بِأَنْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ، أَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ، أَوْ غَارَةٌ، فَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ رَدِّهَا إِلَى الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْحَاكِمِ وَعَنْ إِيدَاعِ أَمِينٍ، وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُضَيِّعٌ.

وَلَوْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فِي وَقْتِ السَّلَامَةِ، وَعَجَزَ عَنِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ، وَالْحَاكِمِ، وَالْأَمِينِ، فَسَافَرَ بِهَا، لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْ مَصَالِحِهِ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ. وَشَرْطُ الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ آمِنًا، وَإِلَّا، فَيَضْمَنُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ. فَأَمَّا عِنْدَ الْحَرِيقِ وَنَحْوِهِ، فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِذَا كَانَ احْتِمَالُ الْهَلَاكِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ، فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا. قَالَ فِي ((الرَّقْمِ)) : وَإِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، فَحَدَثَ خَوْفٌ، أَقَامَ. وَلَوْ هَجَمَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ، فَأَلْقَى الْمَالَ فِي مَضْيَعَةٍ إِخْفَاءً لَهُ فَضَاعَ، ضَمِنَ.

فَرْعٌ

إِذَا أَوْدَعَ مُسَافِرًا، فَسَافَرَ بِالْوَدِيعَةِ، أَوْ مُنْتَجِعًا، فَانْتَجَعَ بِهَا، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ حِينَ أَوْدَعَهُ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: تَرَكَ الْإِيصَاءَ، فَإِذَا مَرِضَ الْمُودَعُ مَرَضًا مَخُوفًا، أَوْ حُبِسَ لِلْقَتْلِ، لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهَا. فَإِنْ سَكَتَ عَنْهَا، ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ، إِذِ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ.

وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ: الْإِعْلَامُ وَالْأَمْرُ بِالرَّدِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَيْنَ الْإِيدَاعِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِعْلَامِ وَالْأَمْرِ بِالرَّدِّ. ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ بِهَا أُمُورٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَعْجِزَ عَنِ الرَّدِّ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَحِينَئِذٍ يُودِعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُوصِي إِلَيْهِ. فَإِنْ عَجَزَ، فَيُودِعُ عِنْدَ أَمِينٍ، أَوْ يُوصِي إِلَيْهِ. كَذَا رَتَّبَ الْجُمْهُورُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015